لطالما تساءلنا متى يكتب لأدبائنا حق البروز العربي والعالمي، فلقد حققت دولة الإمارات العربية المتحدة الحضور العالمي المتميز في مجالات مختلفة، إلا أن مؤسساتنا الثقافية لم تتمكن من إبراز مثقفينا وأدبائنا بالصورة اللائقة التي تكسبهم ما يستحقون من تقديم للآخرين، كما كتب لنا نحن من معرفة أدباء العالم ومثقفيه عبر الوسائل المختلفة. قد تكون ثمة جهود فردية خجولة لكنها لا تحقق المطلوب.
ففي عام 1990 اعتمدت ندوة الثقافة والعلوم مبادرة تتمثل في تنظيم أسبوع ثقافي بالتعاون مع جامعة الإسكندرية، حيث طلب من أساتذة النقد الأدبي بالجامعة إعداد دراسات عن الأدب في الإمارات، وتم إرسال مجموعة من الإصدارات الإماراتية، ومجموعة من الأعمال الفنية التشكيلية، وقد وصل الوفد الذي تكون من معالي محمد المر رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم (رئيس مجلس إدارة الندوة آنذاك)، والمرحوم الشاعر سلطان العويس، والمرحوم الشاعر الدكتور أحمد أمين المدني، والدكتور سعيد حارب -عضو مجلس الإدارة، وكنت برفقتهم، والدكتور نصر عباس الذي كان مدير الندوة يومها.
وقدر الله أن يحدث الغزو الآثم للعراق على دولة الكويت، فقررنا إلغاء الأسبوع وعدنا ولم نكرر التجربة.
وفي عام 2004 نظمت الندوة مهرجان الإمارات الثقافي الأول، وكان ضمن برامج المهرجان تكريم قمة رائدة من أبناء الإمارات وتم تكريم اسم المرحوم الشيخ محمد بن سعيد بن غباش بوصفه أول خريج من أبناء الإمارات من الأزهر عام 1930م، ولكن المهرجان لم تتواصل دوراته.
وفي نوفمبر من عام 2023 أعلنت المنظمة العالمية للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، اعتبار عام 2025 عام الشاعر الإماراتي سلطان بن علي العويس، بمناسبة مئويته، وذلك بجهود كريمة من مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية ودعم من وزارة الثقافة.
ليكون ذلك تقديراً واحتفاء بسلطان العويس الشاعر والأديب والمحسن الكبير الذي اعتنى بالفكر ودعم المبدعين العرب، وحرص على تقدير جهودهم واحترام إبداعهم، والإسهام في دعم المؤسسات الثقافية والتعليمية على مستوى العالم العربي، وذلك في وقت كان هؤلاء المبدعون والمؤسسات بحاجة إلى من يقدر مسيرتهم ومنجزهم.
وفي هذا الإطار، أعلنت مؤسسة العويس الثقافية برنامجها الثقافي والأدبي والفني، وهو برنامج غني يليق بالشاعر الراحل. وقد أعدت ندوة الثقافة والعلوم برنامجاً مماثلاً لهذه المناسبة. وهذه دعوة لجميع المؤسسات الثقافية والإعلامية للاحتفاء بهذه المناسبة، لقد كنا نطالب مراراً بإبراز إبداع أبناء الإمارات وثقافتهم، فمنجزنا الفكري والثقافي يستحق التعريف به بالوسائل المختلفة، ولعل هذا الاحتفال يكون فاتحة خير ليستمر التقدير لرجال الإمارات في جميع المجالات والتعريف بهم.