رحل في أمستردام يوم السبت 30 مارس 2025 الباحث والكاتب العراقي فاضل الربيعي عن عمر ناهز الـ 73 عاماً، حيث أمضى جل حياته في المنافي، والسجالات حول طروحاته التي تعدّ امتداداً لتنظيرات المؤرخ اللبناني الراحل كمال الصليبي.
من السياسة إلى القصة والرواية ومنها إلى البحث في علم الآثار والأساطير، تنقّل الباحث والكاتب العراقي فاضل الربيعي (1952 – 2025) الذي
انخرط الربيعي المولود في بغداد بالعمل السياسي والصحافي منذ بدايات السبعينيات، إذ التحق بالحزب الشيوعي العراقي وعمل محرراً في صحيفة “طريق الشعب” التي أصدرها الحزب عام 1973، إلى جانب عمله في صحف ومجلات عراقية عدة، ثم في مطبوعات عربية بعد اضطراره لمغادرة العراق سنة 1979، بعد إنهاء تحالف الشيوعيين مع حزب البعث الحاكم.
ولد فاضل الربيعي في بغداد عام 1952 ونشط في الميادين الادبية والفكرية والسياسية منذ مطلع شبابه وامتاز هذا النشاط بالتنوع والجدية ولفت اليه اهتمام وانظار أبناء جيله. وذلك بفضل الطابع الخاص للكثير من مؤلفاته التي زاوج فيها بين الادب والتاريخ والاسطورة والسياسة. كانت نشأته السياسية في إطار الحركة اليسارية العراقية عندما وجد نفسه ينخرط في العمل في صفوف الشيوعيين العراقيين. تبلور وعيه كيساري تحت تأثير الكتابات والافكار والنشاطات اليسارية في العراق والعالم العربي. وربما كان لنشأته هذه أثر كبير سوف يتجلى تاليا في الكثير من مواقفه السياسية والاجتماعية.
اشترك الراحل مع كتّاب عراقيين آخرين في إصدار مجموعة قصصية أولى بعنوان “الشمس في الجهة اليسرى” عام 1970، ثم نشر مجموعتَيه “أيها البرج يا عذابي” (1976) و”طفل القيامة” (1982)، ليهجر القصّ نحو الرواية في أعمال عدّة، كان أولها “عشاء المأتم/ ليلة الشاطئ الجميل اللعينة” (1986)، و”ممرات الصمت” (1991)، و”ليلة الأسرار” (2018) التي مزج فيها بين تجربته الشخصية وبين السرد في تصوير لقمع السلطة وخيبات جيل كامل من اليسار العراقي.
لم تنل تجربة الربيعي السردية حظّها من الاهتمام فلا يمكن موضعتها ضمن تجارب الساردين العراقيين في السبعينيات والثمانينيات، وهو ما قد يفسّر توجهه نحو دراسة التاريخ القديم وميثولوجيا حضارات المنطقة العربية في التسعينيات، وشكّل كتابه “الشيطان والعرش – رحلة النبي سليمان إلى اليمن” محطّة بارزة لتقديم رؤيته نحو إعادة قراءة الأسطورة ودلالاتها الرمزية التي استقرت صورةً نهائيةً حول تاريخ اليمن في حقبة ما، واقتراحه ترشيدها من خلال إقصاء الخيال منها لصالح الواقع والحقيقة.
تواصل الجدل حول مؤلفات الربيعي مثل “فلسطين المُتخيّلة” (الصادر في جزئين)، و”القدس ليست أورشليم”، و”حقيقة السبي البابلي”، الذي أكّد فيها مقولته بأن الأحداث التي أوردتها التوراة عن تاريخ اليهود لم تقع في فلسطين إنما حصلت في اليمن، بالاستناد إلى منهج يجمع بين اللغويات، والأنثروبولوجيا، ودراسة الأساطير، مفنداً تناقضات المرويات التوراتية.
وضع الراحل العديد من الكتب منها “أسطورة عبور الأردن وسقوط أريحا”، و”مصر الأخرى: إسرائيل المتخيلة، مساهمة في تصحيح التاريخ الرسمي لمملكة إسرائيل القديمة”، و”يهوذا والسامرة البحث عن مملكة حمير اليهودية”، و”الذاكرة المنهوبة: علم الآثار التوراتي وتزوير تاريخ فلسطين والشرق الأدنى القديم”، و”إرم ذات العماد؛ من مكة إلى أورشليم -البحث عن الجنة”، و”المسيح العربي، النصرانية في الجزيرة العربية والصراع البيزنطي الفارسي”، و”أبطال بلا تاريخ – الميثولوجيا الإغريقية والأساطير العربية”، و”الرومان ويهود اليمن.. لغز الهيكل الثاني”، وغيرها.