You are currently viewing ليبيا تعيد افتتاح متحفها الوطني بعد إغلاقه 14 عاما

ليبيا تعيد افتتاح متحفها الوطني بعد إغلاقه 14 عاما

متحف مهم يختصر الإرث العريق لليبيا من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث.

تستعد ليبيا لافتتاح متحفها الوطني في الثاني من أبريل القادم بعد عشر سنوات من الإغلاق لأسباب أمنية، وبعد الانتهاء من إجراء التحديثات اللازمة وأعمال الصيانة والترميم التي تم تدشينها قبل عامين.

وأعلن وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بحكومة الوحدة الوطنية وليد اللافي إن “المتحف الوطني الليبي، المقرر افتتاحه في أبريل، يعد واجهة سياحية وثقافية بارزة، وصرحا حضاريا يعكس عمق التاريخ الليبي، ويجسد الهوية الوطنية، ويروي تاريخ البلاد الممتد عبر آلاف السنين، ونطمح من خلال الشراكات مع الجهات الدولية المتخصصة، لتعزيز السياحة الثقافية، وضمان تشغيل المتحف وفق أفضل المعايير، دعمًا لحماية الموروث الثقافي وترسيخ دوره في التنمية الثقافية والسياحية.”

وأطلع اللافي مجموعة من السفراء العرب والأجانب على عرض متكامل لمكونات المتحف الوطني، وقال “في اجتماع مع عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية، اطّلع الحضور على عرضٍ تعريفي شامل لمكونات المتحف الوطني الليبي، وأقسامه المختلفة، والتصاميم الحديثة المعتمدة في تطويره، إلى جانب التقنيات التفاعلية التي تحاكي أرقى المعايير العالمية في مجال المتاحف.”

وبمشاركة أكثر من 70 متدربا شهد مسرح السرايا تنظيم الورش التدريبية للفريق التشغيلي بالمتحف الوطني الليبي، والتي شملت “محاضرات وتمارين تفاعلية لأساسيات ومهارات التواصل مع الزوّار بالإضافة إلى نبذة تعريفية بالمتحف.”

وبحسب المشرفين على التنظيم، فإن هذه الخطوة تأتي “تماشيًا مع خطة عودة الحياة لتحويل المتحف إلى وجهة ثقافية عالمية، عبر تطوير مهارات الفريق لضمان تجربة مميزة للزوّار.”

وشارك الفنان السوري أيمن زيدان والمصرية غادة عادل في تصوير الإعلان الترويجي لمتحف ليبيا الوطني في طرابلس الذي يمهد لحفل الافتتاح.

وكانت أعمال الصيانة والترميم وإجراء التحديثات قد انطلقت في مارس 2023 بقرار رسمي من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، على أن يتم الاعتماد على أحدث تقنيات العرض في 48 قاعة.

وتم تأسيس المتحف عام 1919، وجرى افتتاحه رسميا لأول مرة العام 1988، وهو أول متحف للآثار جرى إنشاؤه في طرابلس، ويقع داخل قلعة السراي الحمراء.

وتعتبر السراي الحمراء من أهم معالم طرابلس التاريخية وأطلق عليها اسم السراي الحمراء لأن بعض أجزائها كانت تطلى باللون الأحمر وهي تقع في الزاوية الشمالية الشرقية من مدينة طرابلس القديمة وتشرف على مينائها الأمر الذي مكنها من حماية المدينة والدفاع عنها برا وبحرا.

ويعتقد بعض الباحثين أن أسس السراي الأولى ترجع إلى العهد الكلاسيكي، وعند دخول العرب المسلمين إلى طرابلس أجريت بها الكثير من الإصلاحات، وقد اضطر الإسبان إلى إعادة بناء القلعة بالكامل تقريبا نتيجة الدمار والخراب الذي لحقها من جراء غزوهم سنة 1510. وعند استيلاء الأتراك على القلعة سنة 1551 قاموا بعدة إضافات وتغيرات فيها حيث اتخذها الحاكم التركي مركزا لحكمه ومقرا لسكناه وعندما استقل أحمد باشا القرمانللي بحكم البلاد سنة 1711، استعملها مقرا خاصا به وبأسرته بالإضافة إلى مقر حكمه. وعندما احتل الإيطاليون ليبيا سنة 1911 استغلوا جزءا من القلعة كمقر لإدارتهم وحوّلوا بعض مساكنها إلى سجون.

حح

ويضم المتحف الوطني كنوز ليبيا الأثرية ويجسد تنوعها الثقافي والحضاري من أعماق الصحراء إلى سواحل المتوسط، ومن عصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحديث، حيث يأخذ الزوار في رحلة عبر الزمن، يستكشفون من خلالها إرث ليبيا العريق.

وتشكل ليبيا امتدادا تاريخيا وثقافيا للحضارات المحيطة بها من فرعونية وقرطاجية ورومانية وإغريقية وأفريقية وهو ما ينعكس على محتويات المعرض بالثراء والتنوع، علما وأن الإيطاليين أطلقوا في ثلاثينات القرن الماضي اسم ليبيا على مستعمراتهم الثلاث (طرابلس وبرقة وفزان) اقتباسا من التاريخ القديم عندما كان يطلق اسم اللوبيين (أو الليبيين) على سكان شمال أفريقيا من البربر لاسيما أثناء اندماجهم مع الحضارة البونية الفينيقية التي كانت عاصمتها قرطاج.

ويحتوي المتحف على الآلاف من القطع الأثرية النادرة، من التماثيل والمخطوطات إلى الفسيفساء والمنحوتات، التي تروي تاريخ الحضارات التي تعاقبت على ليبيا منذ آلاف السنين.

ويحتوي المتحف على عدة أجنحة منها جناح المرحلة الكلاسيكية (600 ق.م – 642 م)، والتي توثق حضارات البونيقيين، والإغريق، والرومان عبر أقسام مخصصة لكل منطقة، و”قسم القبائل الليبية” الذي يوثق حياة القبائل خلال الفترة (1000 ق.م – 600 ق.م) بمقتنيات فريدة تسرد تاريخ تلك الحقبة، و”القسم الطبيعي” الذي يعرض مجموعة من الحفريات والنماذج الجيولوجية التي تحكي قصة نشأة الحياة وتطور الأنظمة البيئية التي شكلت أرض ليبيا منذ آلاف السنين.

ويحتوي المتحف أيضا على قسم آخر هو “القسم الإسلامي” (642 م – 1911 م)، الذي يعرض قصة دخول الإسلام إلى ليبيا وانتشار اللغة العربية، مرورا بمراحل الحكم المختلفة وصولا إلى العهد العثماني، مع استعراض مجموعة من التحف والكنوز التي تعكس روعة الحضارة الإسلامية في ليبيا وجمال العمارة التاريخية، إلى جانب قسم “الجهاد الليبي” في المتحف (1911م – 1951م) الذي يهتم بتوثيق مرحلة مهمة من تاريخ ليبيا ويأخذ زواره في رحلة عبر تاريخ الكفاح البطولي ضد الاحتلال الإيطالي حتى تحقيق استقلال ليبيا، بالإضافة إلى عرض الأسلحة والمقتنيات الشخصية للمجاهدين، لتسرد قصصا عن تضحياتهم ونضالهم من أجل حرية الوطن.

كما يحتوي المتحف على “قسم التراث” الذي يروي حكاية ليبيا عبر العصور، حيث يلتقي الشرق بالغرب والجنوب، وتمتزج ثقافات وأعراق المجتمع في لوحة تراثية نابضة بالحياة، من الشعر والرقصات التقليدية إلى الحرف اليدوية والأزياء، لتنبض كل قطعة بروح التاريخ، شاهدة على عمق حضارة ليبيا وتنوع إرثها الثقافي.