حكى الأديب المصري ثروت عكاشة (1927-2002) عن حوارٍ دار بينه وبين نجيب محفوظ حول طه حسين كروائي. كان الرجلان، عكاشة ومحفوظ، يسيران في أحد الشوارع، ذات يوم، حين قال الأول للثاني إنه يرى أن طه حسين في الرواية أقلّ منه في ميادينه الأخرى، فردّ محفوظ: لا نستطيع أن ننسى أن طه حسين قد فتح الأبواب لألوان كثيرة من الرواية العربية، فقد كتب عن صراع الإنسان مع القدر في «الأيام»، وكتب رواية الأسرة في «شجرة البؤس»، وكتب صراع الإنسان مع التقاليد في «دعاء الكروان».
رأي مهم من أهمّ كتاب الرواية في مصر والعالم العربي تجاه طه حسين الأديب وليس المفكر فقط، ومن وحي هذا الحوار بين الرجلين كتب عكاشة في كتابه «شعاع من طه حسين»: «وجدت منطق نجيب محفوظ قوياً وصادقاً، واتجهت بتفكيري إلى هذا المتجه». وأضاف: «أستطيع اليوم أن أزيد بأنه، (أي طه حسين)، كتب الرواية الرمزية في «أحلام شهرزاد»، وصراع الإنسان مع نفسه في «أديب»، والأسطورة الإسلامية في «على هامش السيرة». إن طه حسين فعلاً قد فجر في الرواية العربية ما لم تكن تعهده».
في الكتاب نفسه توقف عكاشة مع واحدٍ من أشهر مؤلفات طه حسين «الأيام» التي دار ويدور نقاش عن الخانة التي يصحّ أن توضع فيها، أيصحّ النظر إليها كرواية أم كسيرةٍ ذاتية للمؤلف، رغم الاتفاق على أن أحداث الرواية وشخوصها هي حياة طه حسين نفسه، أو محطات مهمة منها، فالقراء تبينوا في الكتاب شخص المؤلف وزوجته وابنه وابنته وإخوته وذويه، بل إنه لم يحاول أن يخفي شيئاً من كل هذا، ورغم ذلك لا يوافق عكاشة على وضع «الأيام» في خانة السيرة الذاتية دون مناقشة.