أنا واحد ممن ينتمون لجيل من أبناء الخليج، أدرك فترة التعامل بالروبية الهندية كعملة، كما عشنا فترة التحوّل إلى العملات الوطنية المعتمدة اليوم في بلداننا: الدرهم في الإمارات، الدينار في البحرين والكويت، الريال في السعودية وقطر وعُمان، وما زال الكثيرون حتى اليوم يستخدمون، في حديثهم الدارج، لفظ الروبية، ففي البحرين مثلاً ما أكثر ما يطلق على المئة فلس، التي هي وحدة الدينار، لفظ روبية، وعلى النصف دينار خمس روبيات، ولكن أجيالاً سابقة لنا لم تعرف سوى الروبية.
حسب موقع مركز جمال بن حويرب الإلكتروني، فإن الجذر اللفظي التاريخي للروبية الهندية يعود إلى اللغة السنسكريتية، أما اعتمادها كعملة، فيرجع إلى الهند القديمة التي قامت بين القرنين السادس والثامن قبل الميلاد؛ إذ كانت الهند القديمة من أوائل الدول التي أصدرت النقود المعدنية في العالم، وظلت هذه العملة معتمدة حتى اليوم، تزداد أهميتها مع تزايد تأثير الهند ونموها الاقتصادي.
ما حفزني لتناول هذا الموضوع هو إشارة وردت في مقال كتبته أميمة الشاذلي في الذكرى المئوية لوفاة الموسيقار المصري العبقري سيد درويش، ونشر على موقع «بي. بي. سي»، قبل أيام، ومن ضمن ما عرضت له من أغانٍ له غير متداولة كثيراً، أغنية وردت فيها مفردة الروبية، في قوله «اللتر الجاز بروبية»، وهذه كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، فلم أكن أعلم أن الروبية اعتمدت في فترة ما بمصر، وبشيء من البحث سنعرف أن الحكومة المصرية، بعد الحرب العالمية الأولى، ولضرورات اقتصادية، رأت استعمال الروبية الفضية الهندية الموجودة بكميات كبيرة في الخزينة المصرية، على أن يكون هذا الاستخدام مؤقتاً، وهذا ما تمّ بالفعل، ففي العام 1920 صدر مرسوم يفيد بأن الأسباب التي دفعت لاستخدام تلك الروبية قد زالت، لتبدأ الحكومة المصرية بسك نقود تحمل اسم السلطان فؤاد الأول، أما ما أصبح تاريخاً، فقد حفظته أغنية سيد درويش.
للروبية تاريخ