نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، مساء يوم الخميس 1 فبراير 2024، أمسية استذكارية للراحل الناقد عزت عمر الذي رحل عن عالمنا في 22 ديسمبر 2023، بعد سيرة من العطاء الأدبي والنقدي أثرت الساحة الأدبية الإماراتية والعربية بعدة إصدارات قيمة، وتحدث في الأمسية الدكتور عمر عبد العزيز رئيس مجلس إدارة النادي، ونواف يونس مدير تحرير مجلة الشارقة الثقافية، وأدارتها ماريا محيي الدين، بحضور أسرة الكاتب الراحل، وشهدت تدخلات من عدد من الأدباء أصدقائه الشهود على تاريخه الأدبي والشخصي.
تخلل الأمسية عرض تسجيلي عن حياة عزت عمر الذي ولد بمدينة منبج في سوريا، وتخرّج في كلية الآداب بجامعة حلب عام 1977، وهو عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ومحرر صحفي في مجلة الشارقة الثقافية، وعمل في لجان تحكيم أدبية كثيرة على مدى عدة عقود، حصل على جائزة معرض الشارقة لأفضل كتاب عن الإمارات عام 2019، وقد ألف أكثر من عشرين كتاباً أغلبها عن السرد الإماراتي، ومنها: رواية «قفص يبحث عن عصافير»، ومجموعتا قصص للأطفال «النوافذ الذهبية» و«أجنحة الفراشات»، وسلسلة روايات الناشئة «غسّان»، وفي النقد: «مرايا البحر» و«توجّهات الخطاب السردي في الرواية الإماراتية والعربية»، و«سوسيولوجيا النص السردي الإماراتي»، و«أثر الحداثة وما بعدها في النصّ السردي الإماراتي»، و«ناصر جبران، ألق الكتابة وقلق الفنان».
استهلت ماريا محيي الدين الأمسية بقولها: «هو كوكب هوى، لكنه يعلم مساره، فهو حين يرحل يترك أثره؛ لأنه من منابع النور والضياء والمعرفة.. إليك أيها المُلهَم إلى مجاهل علم الجمال ومكنونات الحب والحياة، عزت عمر، رحيلك أخبرني أن الحياة طريق سريعة يمر بها الأوفياء المخلصون؛ ليتركوا في قلوبنا أثراً جميلاً، فيأتي الموت ليسرق منا ضياء أعينهم يرحلون ويتركون في القلب غصة وفي الروح حرقة وفي العين ألف ألف دمعة».
وقال د. عمر عبد العزيز: «كان عزت عمر يمتلك ذائقة نقدية جمالية راسخة، وعلى معرفة بجملة المفاهيم الحداثية وله فهم عميق للتاريخ، ما أعطاه قدرة على سبر أغوار النصوص واجتراح مفاهيم تخصه، وقد شكّل رافداً من روافد النقد ووجهاً من أوجه التلاقي الثقافي العربي».
أما نواف يونس، فاستهل شهادته بقوله: «إن المثقف الحقيقي هو الذي يؤثر في محيطه ويتأثر به، وتلك هي حال المرحوم عزت عمر، لقد التقيته في عام 1990 في القسم الثقافي في جريدة الخليج عندما كانت الساحة الثقافية في الإمارات في أوج تشكلها وحركيتها، وقد نشرت له الخليج روايته الأولى «قفص يبحث عن عصافير» على حلقات، واستكملنا التواصل في اتحاد الكتاب الذي انضم إليه عزت عمر وبدأ نشاطه المكثف فيه، برؤية نقدية تواكب الإبداع الأدبي في الإمارات، وتفسح مجالاً واسعاً للشباب، نقداً وتوجيهاً، ثم كانت المرحلة الثانية من لقائنا عندما شكلت أنا وهو وحسين درويش وناصر جبران ومجموعة من الكتاب الآخرين، مجموعة نقاشية، فكنا نلتقي دورياً ونناقش الأطروحات الثقافية والمفاهيم الفكرية المطروحة على الساحة وآخر المستجدات الأدبية، أما المرحلة الأخير من مراحل حياتنا المشتركة، فكانت في مجلة الشارقة الثقافية، حيث كان محرراً معنا يغني الجانب الثقافي والفكري، بقلمه النقدي الجميل».
وتحدث في الأمسية أيضاً الكاتب محسن سليمان باسم اتحاد كتاب الإمارات، ناقلاً تعزية رئيس الاتحاد سلطان العميمي، ومشيداً بالخدمات النقدية الجليلة التي قدمها عزت عمر للأدب الإماراتي، حيث أماط اللثام، من خلال مؤلفاته الكثيرة، عن الكثير من ظواهر هذا الأدب، وقدم وشجع الكثير من كتابه في مراحل متعددة من مسيرتهم الأدبية، مرشداً وموجهاً وناقداً حصيفاً همه الأول أن يرتقي الأدب الإماراتي، ويلمع كتابه على الساحة العربية.
وقال فرحات عزت عمر نجل الكاتب الراحل أنه كان أبا وصديقاً ومعلماً قدم الكثير لعائلته وحرض على تنشئة أولاده تنشئة ثقافية معرفية تركت اثرها على حياتهم.
أما الشاعر حسين درويش، فقال: «بدأت علاقتي بعزت عمر عام 1990، حينما جاء إلى الإمارات يحمل عنفوان المعرفة والثقافة، فعمل في حقل التربية، ولكن، كان له اهتمام خاص بالثقافة والصحافة، وقد عملنا معاً في مجلة «حياة الناس» لمدة سنتين، ثم لما انتقلت أنا إلى جريدة “البيان”، ومع صدور ملحق «بيان الكتب»، انضم عزت عمر إلى كتاب الثقافة، حيث كتب عن أعمال خالدة في عالم الثقافة، كما كتب في جريدة الحياة، لقد كان مثقفاً أصيلاً صاحب موقف أدبي وثقافي يسعى من خلاله إلى خدمة الثقافة والأدب، وساهم بشكل واضح في المشهد الثقافي الإماراتي.
وقال الناقد صالح هويدي: إن المرحوم كان وفياً يتفقد أصدقاءه، وكان ناقداً حقيقياً، في زمن كثر فيه النقاد الأدعياء، وناقداً معرفياً، لا يحب المفاهيم العائمة، ولديه أسئلة فكرية يبحث عن أجوبتها، وكان له فضل كبير على الأدب الإماراتي، وقد قدّم كتباً عن الشعر الإماراتي بعيون حداثية كما كتب للأطفال».
وقال الناقد إسلام بوشكير: «إن تجربة عزت عمر هي تجربة متكاملة على المستوى الثقافي والنقدي، وقد كنت معجباً بشخصيته الواثقة الهادئة، آمَن بحق الكتاب الشباب في أن يأخذوا فرصتهم، وكان يحرص على توجيههم، وكان مؤمناً بفكرته ورؤيته وما يكتب عنه، وصاحب اختيارات حرة جعلته يكتب عن تجارب أدبية أصيلة لم يكتب عنها أحد».
شرح
حسين درويش يتحدث عن عزت عمر، وعلى المنصة نواف يونس وماريا محي الدين وعمر عبد العزيز
أصدقاء عزت عمر يتذكرون مآثره في النادي الثقافي العربي بالشارقة