معذرة لسان الدين ابن الخطيب -⁩ شعر د. عارف الشيخ

صَادكَ الغَيبُ إذا الغيبُ رمَى

يا عزيزَ النّفس في العَصرِ القَسِيّْ

لا تُقارِنْ أنت أرضًا بِالسّما

و«الكَراكيْ» بِطيُور«النَّورَسِ»

أيّها الجَوّابُ صَحراءَ المُنَى

لا تجُبْ لَيْلاً بِدون العَسَسِ

ما أراكَ الدَّهرُ يوما أنعَمَا

فَهْو في الأفعَى خِداعُ المَلمَسِ

كيف يحلُو الأنسُ في دار القِلَى

دَقَّ أحشاءً كقَرع الجَرسِ؟

***

هِيَ شُهْبُ الحِقد ترمِي حُمَمًا

لا تُساوَى بزُهور النَّرجسِ

كم رأيتُ الوَردَ منها حَذِرًا

يَحتسِي مِن مُرّها ما يَحتسِي

وأرى «العُزلةَ» حِدْسًا بَاكِرًا

سَمعُهُا أشبَهَ سَمعَ الفرَسِ

كلُّ هذا الزُّهْدِ يَجري في دَمي

كالكَرى يغشى عُيونَ النُّعَّسِ

***

قلْ لِمَن سَدّدَ سَهمًا نافِذا

لا تُهَاجِم غابَةَ المُفترِسِ

قَد تشُقُّ أنهُرًا لكنّكَ

لستَ تُجرِي مَركبًا في اليَبَسِ

ونَفيسَ القُطْن قَد تملكُهُ

بَيدَ أنّ القطنَ غيرُ السُّندُسِ

وبَريءَ اليَوْمِ لو تظلمُه

فغَدًا يقتصُّ مِنك يا مُسِيْ

فَادَّعِ مَا يَدّعِيهِ أرعَنٌ

كالَّذي عاكَس رُوحَ القُدُسِ

أنت يا غَافلُ مِن غير حِجَى

«كجُحا» أضحكَ أهلَ المَجلسِ

***

يا زماني فلتعِشْ زيفَ المُنى

أنت في عُمْريَ عَهدٌ قد نُسِيْ

لستُ أغلى زمنًا مِمَّن مضَوا

كـ «لِسانِ الدين» في الأندلسِ

أنفَسًا عاش وزيرًا بينهُم

ثمّ مَحْرومًا غدَا مِن نفَسِ

ليس يبقَى بَعدَنا من حُلُمٍ

يَا زماني غيرُ طِيبِ المَغرسِ

وأنا المَصدومُ مِن بَعض الوَرى

كيف يَحيَا عِيشةَ المُختلِس؟

يا فؤادي إنّني وَحشُ الظبا

تحتَ شمس القهرِ أهوَى مَكنِسي

شعر د. عارف الشيخ

(شاعر إماراتي معاصر)

* لسان الدين ابن الخطيب وزير وفقيه وأديب وفيلسوف وطبيب ومؤرخ وسياسي أندلسي، شاعر غرناطة الملقب بذي الوزارتين ( السيفوالقلم)، وبذي الميتتين ( قتله ودفنه ثم إخراجه وحرقه)، وبذي العُمرين ( أمور الدولة في النهار والتأليف في المساء).