أكثر المهرجانات فائدة، والأكثر تطوراً أو صعوداً في الإمارات، هي مهرجانات الرطب، ولدت الفكرة منذ أعوام طويلة، كانت صغيرة ومحدودة، وربما بدأت كاحتفالية بموسم الرطب، وترحيباً بالقيظ وثماره المهمة والنادرة، وبما أن عماد الحياة في الجزيرة العربية والصحراء العربية كان على التمر والرطب، وعلى وجه الخصوص الإمارات وغيرها من أجزاء الجزيرة العربية، فإن تلك الاحتفالية والبداية البعيدة في «ليوا» كانت حديث الناس والمدينة والخليج، لقد أسهم الدعم الحكومي الكبير لتنفيذ فكرة مهرجان الرطب بأن يتكرر كل عام، بل صعد وتطور وتنوع بعد حين، ليشمل مناشط أخرى، وإنتاجاً زراعياً آخر، خاصة الحمضيات والفواكه، التي تنمو وتتقدم زراعتها في المناطق الزراعية العديدة في الإمارات، كان الدعم القوي والجوائز الكبيرة للمزارع الذي تشارك في هذا المهرجان، دافعاً عظيماً في زيادة المساحة الزراعية والاهتمام بالعديد من أشجار النخيل والفواكه، وكأن أبواب الزراعة قد شرعت على أوسع نطاق، فعاد المزارع القديم ومعه الشباب الجدد لحرث الأرض والسعي إلى الدخول في سوق العمل الزراعي، كبرت وعظمت الفكرة وتحولت الأراضي الزراعية إلى بساتين ومزارع يعتمد عليها، خاصة زراعة النخيل كانت فكرة ذلك القائد الحالم، بأن هذه الصحراء يمكن أن يتم تغييرها، وأن تصبح منطقة زراعية، وأراضي الخير والإنتاج التي توفر محاصيل النخيل وغيرها من المنتوجات الزراعية، كان بدء العمل عبارة عن منح الأراضي الزراعية وتقديم مساعدات مادية ودعم معنوي، ثم تسويق إنتاج من يعمر الأرض ويزرعها، وفكرة أن على المزارع أن ينتج والحكومة أو دائرة الزراعة هي من تقوم بالشراء من المزارع ثم التسويق، شيء عظيم وتفكير رائد في الإمارات، جاءت هذه الفكرة بالتأكيد لتخدم مشروع الزراعة والمزارعين، لليوم الواقع يؤكد أن تلك الأحلام البعيدة قد تحققت، وعظيم ما نشاهده من المنتوج الزراعي، والمهرجانات الكبيرة للرطب، وغيرها من زراعة في الإمارات، شيء مفرح ومفخرة لذلك المزارع، الذي عمل بجد وإخلاص وأنتج أنواعاً عديدة من الثمار، ونوّع وطوّر في الزراعة، حتى إن الزراعة الجديدة والصعبة التي تحتاج لمجهود وعناية خاصة ومياه وفيرة، قد حضرت في الإمارات الآن، وهي زراعة القمح، فكرة رائدة تكمل ذلك الحلم الأخضر الذي لمع، منذ زمن بعيد، في صحراء إمارات الحب والجمال، الآن نشاهد مهرجانات الرطب والثمار الأخرى، في كل منطقة ومدينة من هذا البلد الجميل، والذي يمكن أن نقول عنه في المستقبل، إن الإمارات أرض الاخضرار والخير والزراعة، إلى جانب النفط والتجارة والعمران والسياحة، دائماً ازرع نخلة في منزلك أو استراحتك الخاصة وقدمها هدية للأبناء، أو عابري الطريق والسبيل، اعشق الزراعة واخضرار الأرض، لتعمر أرض المستقبل التي تعتمد على ما تنتجه من غذاء، وعندما يطيب الحديث عن النخيل والرطب، يداهمك المثل المحلي، الموارب والمتواري، يعجبني الخلاص، ولكن القلب يميل إلى الخنيزي!!.
جريدة الاتحاد