خلال أيام قلائل غيّب الموت مبدعين بل قامتين من قامات الإبداع في وطننا العربي، جمعة اللامي من العراق، وإلياس لحود من لبنان، وكلاهما كان علماً يشار إليه بالبنان كُلٌ في حقله ومجاله، لتمتلئ العيون بالدموع والقلوب بالحزن والأسف.
جمعة اللامي ابن الرافدين عاشق الإمارات، والتي أعطى فيها وأبدع كل كتبه ومؤلفاته ومنح عصارة معرفته وخبرته للكثيرين من أبنائها وساهم في تشكيل توجهاتهم وإبداعاتهم وأخذ بأيديهم في العديد من حقول الإبداع كالشعر والقصة والمقالة، تاركاً بصمة لا تنسى لدى الكثيرين منا.
كان اللامي عذباً في تعامله، موسوعياً في عطائه، مهذباً في تعامله، يده ممدودة بالعلم والمعرفة لكل من دق بابه أو سلك سبيلاً يخطو به في دروب الأدب وصنوفه. كان حضوره للملتقيات والندوات والفعاليات علامة على جودة تلك الفعاليات، وكان له صوت لا بد أن يسمع وينصت إليه إذا تحدث لأنه يتعامل بصدق وإخلاص ومحبة. أقعده المرض في سنواته الأخيرة التي قضاها في شارقة الأدب والمعرفة حيث عاش جل عمره، عرفته ولا يمكن أن أقارنه بأحد غيره إبداعاً وتهذيباً وأسلوباً، وكم أفخر بتوقيعه على العديد من مؤلفاته لي.
إلياس لحود أحد رواد قصيدة النثر سواءً بالفصحى أو الشعر العامي اللبناني وبتميز واقتدار كبيرين. كتب بكل قلبه وبدون مواربة، خاض غمار كسر قوالب الشعر المعتادة فكان أحد رواد الحداثة الشعرية في العالم العربي، بدأ مبكراً عاشقاً للكلمة مرتبطاً بها شغوفاً بسحرها غائصاً في أجوائها منافحاً بلغة عذبة فريدة سياسياً ووطنياً ووجدانياً وببعد وأسلوبٍ له شخصيته وتميزه وفرادته. له دوره المشهود في تأسيس العديد من المجلات والدوريات التي كانت لها الحظوة لدى القراء ومحبي الأدب والمعرفة، وصولاً إلى إطلاق مجلته الخاصة «كتابات معاصرة» والتي كانت مجلة ذات حضور مميز وفريد. التقيته في بيروت مبكراً وأنا أخطو أولى خطواتي في دروب الأدب والمعرفة وما زلت أحتفظ بديوانه الذي أهداني إياه. التقيته قبل رحيله في العام2022، وكان كأنه لقاء وداع.
قامتان كبيرتان مبدعتان غابتا عن سماء الوطن العربي خلال أيام قلائل. سبق جمعة ولحقه إلياس. لم يكن لهما سلاح غير القلم ولا ميدان غير المعرفة ولا طريق غير الأدب.
رحمهما الله، وجزاهما خيراً على ما قدماه من معرفة وإبداع وعطاء.
جريدة الخليج