ما هي السعادة؟ وما هو تعريفها؟ ومفهومها؟ وهل هي بنفس المعنى والمغزى والإحساس والشعور لدى جميع البشر أم هي تختلف حسب الجنس واللون والديانة والبلد؟ هل تتحقق بداخل الإنسان، أم تتعلق بالمحيط الخارجي؟
أسئلة كثيرة تتوارد على الذهن دون إجابة محددة واضحة، فقد ذهب بعض العلماء المسلمين إلى أن السعادة هي وصول الإنسان إلى حالة من تحقيق التوازن بين ما يتطلبه الجسم والروح، وبين متطلبات الفرد ذاته وبين متطلبات المجتمع الذي يعيش فيه، وبين الحياة الدنيوية له وبين آخرته وعمله لها، وأنه مهما كانت هذه السعادة في الدنيا فهي ناقصة وآنيّة، وأن السعادة في الدار الآخرة هي السعادة الحقيقية، مما يعني أن هناك سعادتين: دنيوية وأخروية.
وذهب البعض من المفسرين لمفهوم السعادة إلى أن هناك سعادة لفترات زمنية قصيرة، وأخرى سعادة طويلة المدى تعتمد على سلسلة من محفزات السعادة وبواعثها قصيرة المدى لكنها في تجدد دائم ومستمر، وفسّرها الفيلسوف أرسطو بأنها هبة من الله وقسمها إلى خمسة أبعاد: الصحة البدنية، الحصول على الثروة وحسن تدبيرها واستثمارها، تحقيق الأهداف النجاحات العملية، سلامة العقل والعقيدة، السمعة الحسنة والسيرة الطيبة بين الناس، وعرّفها أرسطو على أنها اللذة.
ويعرفها الإمام الغزالي قائلاً: إن السعادة عند بني آدم هي معرفة الله عز وجل، ويتبع ذلك بقوله: اعلم أنّ سعادة كل شيء ولذته وراحته تكون بمقتضى طبعه، كل شيء خلق له، فلذة العين الصور الحسنة، ولذة الأذن في الأصوات الطيبة، وكذلك سائر الجوارح بهذه الصفة، ولذة القلب خاصة بمعرفة الله سبحانه وتعالى؛ لأنّ القلب مخلوق لها.
مفاهيم السعادة كثيرة وتختلف حسب طبيعة البشر ومتطلباتهم وتفكيرهم ورؤاهم، وأين توجد تلك السعادة الحقيقية لديهم، وهل هي مرتبطة بالجانب الروحي أم الحياتي، الديني أم الدنيوي، وماهية السعادة كفعل وسلوك ومفهوم ومعنى مرتبط بذات الإنسان وتفكيره، وأين يمكن أن توجد تلك السعادة في داخل أي واحد منا.
كلٌ منا بلا شك يبحث عن السعادة بطريقته وأسلوبه كفرد، ثم كأسرة، لكن هل يمكن أن نصل إلى سعادة عامة كمجتمع بشري بشكل عام يجمعنا كوكب واحد وأرض واحدة، نغلب السعادة على أقوالنا وأفعالنا وتصرفاتنا، ننسى الحروب والاستغلال والصراعات؟ هل يمكن أن يكون المجتمع الدولي صانعاً للسعادة البشرية، أم نكتفي بالقول: إن الحديث مع روح تحبها سعادة تغنيك عن الدنيا بأكملها؟