نظنّ أن المكتبات المنزلية للكثيرين، وربما للجميع، تضمّ على رفوفها كتباً، سيجدون، بمرور الوقت، أنها خارجة عن دائرة اهتمامهم، وأنهم لن يقرؤوها يوماً. قد يكونون اقتنوا هذه الكتب في مراحل ومناسبات مختلفة بدافع شغف استحوذ عليهم يوماً وسرعان ما تبدد، فوجدوا اهتماماتهم في مجالات أخرى، أو تكون أهديت إليهم. النصيحة لهؤلاء ليست بعيدة عما دعت إليه مؤلفة كتاب «عبودية الكراكيب»، كارين كينجستون: تخلصوا من هذه الكتب لا برميها وإنما بحملها إلى معارض أو مكتبات تُعنى بعرض وبيع الكتب المستعملة بأسعار رمزية في الغالب، مع أن لأمبرتو إيكو رأياً آخر مثيراً للاهتمام فحواه أن «الكتب غير المقروءة أكثر قيمة في حياتنا من الكتب المقروءة»، وهو قول ستكون لنا وقفة حوله في فرصة قريبة قادمة.
الكتب التي تريد أن «تتخلص» منها لأي سبب، كضيق المساحة المتاحة للكتب في منزلك، أو للسبب الذي بدأنا به الحديث، حين تجدها باتت بعيدة عن اهتمامك، كن على يقين من أن هناك آخرين سواك غاية مناهم أن يقتنوا مثل هذه الكتب، لأنها في صلب اهتماماتهم أو تخصصاتهم، وقد لا يعثرون عليها في محلات بيع الكتب، لأنّ نسخها نفدت ولم تُعد طباعتها، أو لأن أسعار بيعها غالية فوق طاقتهم، فتوفرها معارض الكتب المستعملة بأسعار مناسبة لهم.
إذا كانت هذه نصيحة لمن يجدون كتباً فائضة عن حاجتهم، فإن هناك نصيحة لا تقل أهمية للباحثين عن كتبٍ يحتاجونها، بعضها تعدّ نادرة. هذه النصيحة تسديها كاتبة مقال: «كيف تثري المكتبة الشخصية؟»، فريا هاورث، من أستراليا، وهي محررة كتب حائزة شهادة الماجستير في الكتابة والنشر، وفيه تقول إن «عالم الكتب المستعملة يمدّك بمتعة البحث عن الكنز».
تنصحنا الكاتبة في مقالها هذا، والمنشور قبل شهور في مجلة «الثقافة العالمية»، من ترجمة عبير النمر، بتكرار الزيارات إلى محلات بيع الكتب المستعملة، «لأنك لا تعرف أبداً متى قد يحصلون على الكتب المناسبة لك»، في إشارة إلى أن هذه المحلات تُجدد معروضات الكتب لديها باستمرار، تنفد كتب وتأتي غيرها. الكتاب الذي لم تعثر عليه في مرة، قد تجده في مرة قادمة.
نصيحة أخرى لا تقلّ أهمية تسديها الكاتبة، فحين لا يسعفك الحظ في الحصول على الكتاب الذي قصدت المحل لاقتنائه، وهذا قد يحدث كثيراً، ستكون محظوظاً حين تقع عيناك على كتب أخرى لا تقلّ أهمية، لم تكن تخطر على بالك، ما كنت ستهتدي إلى أمرها لولا هذه الزيارة. صحيح أنك لم تحقق غايتك التي من أجلها ذهبت، ولكنك ستعثر على «غنائم» أخرى من الكتب تفتح لك آفاقاً جديدة.