عبدالله صقر المري

ابراهيم-الهاشمي

أنّت «الخشبة» أنيناً حزيناً، أول أمس، أنيناً يفطر القلوب.. أنيناً يسح وجعه كأنه «اغتراب في زمن مسلوب».. و«سهيل» سواءً كان أسماً أو ريح هبوب، توقف في صمت بلا نبض ولا حركة ولا صوت.. كان الوقت حينها «قطعٌ مظلمة من الليل»، ترزح على القلوب فتزيد من صدمتها، فتنطلق بآهة حرّى، وزفرة تشق الصدر وكأنها خنجر غرس لتوه دون سابق إنذار.. لقد جاء الخبر صادماً موجعاً «توفي عبدالله صقر أحمد المري».
عبدالله ذلك العملاق الحيي، الطيب الشهم، صاحب قلم الريادة والسبق الذي أصدر أول مجموعة قصصية في الإمارات، ولم يكتف بذلك، فأصدر أول مجموعة شعرية لقصيدة النثر في تاريخ الإمارات، أديب بمعنى الكلمة، يغلب طبعه الهدوء والسكينة، بالرغم مما يعترم بين جنبيه من لهيب الإبداع والفكر الذي سال عبر أربعة مؤلفات صدرت في أزمنة مختلفه، خطفته الرياضة فتوجه لها بكل جوارحه، لاعباً مميزاً ثم مدرباً متألقاً له صيته ومكانته، وصاحب مدرسة كروية لها أسلوبها ومفهومها، لكن حنين الحرف والكلمة والإبداع كان يتأجج بين جنبيه، فعاد للقلم يبثه لواعجه وفكره ورأيه، فكان متميزاً في كل مراحله، سواءً في الإبداع والأدب أو في الرياضة.

عرفته ذلك الذي يغلب صمته على حديثه، يقطر تهذيباً إذا تحدث بصوته الهامس الحَيِيّ والأدب الجم، يسمع أكثر مما يتحدث، لم يغره بريق الشهرة بتاتاً، فكان يتجنب الظهور الإعلامي ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، يعمل على نفسه بدأب شديد، قراءة وتعلماً، التقينا مراراً في «العربي مول»، حيث كان يجلس هناك في أحد المقاهي برفقة «كمبيوتره» يكتب أو يقرأ، وإذا جالسته يكون كنسمة ندية ليس فيها إلا الطيب دون بهرجة أو تعال أو غرور أو نميمة.

عبدالله صاحب البدايات والبصمة الأولى في المؤلفات القصصية والنثرية في الدولة، شخصية استثنائية فقدت الإمارات بفقده أديباً حقيقياً ملتزماً أنيقاً يعرف لكل شيء حدوده، كبير في حضوره، كبير في كتابته، كبير في تعامله، وكم هو كبير موجع غيابه.

أيها الأخ الصديق، سأذكرك دائماً واحداً من أهل القمة، صاحب الابتسامة العذبة، وسأتلافى تماماً المرور بالمكان الذي كنت تجلس فيه هناك، حيث نلتقي، حتى لا تطفر الدمعة حزناً ووجعاً على فراقك.
غفر الله للكاتب الأديب الرياضي عبدالله صقر المري، وألهم أهله وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان، ولروحك السلام.