خمسون كتاباً.. فاتحة مستقبل مثقف

علي ابو الريش

«اقرأ» عنوان لمستقبل يطفو على قارب ثقافي مؤدلج بالمعرفة مؤطر بالوعي بأهمية أن نكون والكتاب أصدقاء، أن نكون عشاقاً نحلم بقرب النجمة من رموشنا،  أن تكون الغيمة سقفنا المبلل بالرحابة، أن تكون السماء شرشف خيالنا في الابتكار وإبداع ما يضيء المستقبل بمصابيح البراعة ومهارة الانتماء إلى عالم يثب نحو الغد على صهوات جياد مخضبة بزعفران التفوق وشذا الاستثنائية.
هذه أهداف القراءة، وهذه تطلعات سموه في خلق جيل واعٍ  يحمل على عاتقه مسؤولية النهوض بالمستقبل، جيل مثقف يتحمل أعباء المواجهة مع تغيرات تحدث في الآن وغداً، وتطورات تحتاج إلى عين تبصر ونفس بصيرة، وإلى عقل يقبل تحدي الطبيعة وما ترسله من إشارات تبدو في ظاهرها اعتيادية وفي باطنها رسائل تحفيز لهذا الكون العقلي بأن الحياة ليست قارباً على ظهر موجة، بل إن الحياة موجة تدفع بالقارب كي يمنح ظهرها عنفوان التجديف، والسير نحو الزرقة  بأشرعة قماشتها من وعي، وساريتها من عزيمة لا تلين ولا تستكين.
القراءة هي العامل الأول في تعرية الجبال الصوارم لجعلها تربة خصبة تكبر على كاهلها أشجار الأحلام واسعة الظلال، القراءة هي العنصر الأوحد الذي يجعل من الحبر كحلاً للعين ومصلاً لمقاومة العيش في البحر المتجمد والنهر الخامد.
القراءة هي الضوء والوضوء، هي الطهارة من آثام الجهل ورذيلة التخلف  ومعضلة التوقف عند ساعة متأخرة من الزمن.
القراءة في التاريخ من يحيك صدفة ليبدع رواية جديدة تعبر عن قدرة الإنسان على العيش من دون تغضنات ولا انكسارات تؤدي إلى نهاية أحلامه وذروة تعاسته.
القراءة بداية خلق العبارة المؤدية إلى كتابة تاريخ جديد  للإبداع، وتأليف قصة نجاح الإنسان، ومن دونها تطفئ النجوم مصابيحها، وتتخلى الغيمة عن معطفها المخملي، وينام القمر تحت جنح الليل الدامس، وتلبس الشمس ثوب العزاء الأبدي، والأرض تجفف آبارها، وتخفي ماءها بين ضلوع مجاهيلها، ويصبح العالم يسبح على أنهار من رمال تكتوي تحت رمضاء قترها وفقرها، القراءة حلم الطير في نقر قمحات النشوء والارتقاء، القراءة في التاريخ حلم هيرودوت في كتابة تاريخ البدء في تصوير الكلمات، كونها الجذر والسبر لكل ما أنتجته القريحة البشرية، وكل ما طرأ على خاطر الإنسان منذ أن نزل من الشجرة وصار يلهث وراء المستقبل مدججاً بأحلام كأنها السيوف، ويتسلق جبال المخيلة محتدماً مكللاً برغبة الوصول والتواصل.

جريدة الاتحاد