انشغلت وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي بخبر انفصال إحدى الفنانات العربيات عن زوجها الفنان. ومما زاد الاهتمام بحادث الطلاق توقع خبيرة الأبراج اللبنانية ليلى عبداللطيف بوقوعه في لقائها مع المذيع اللبناني نيشان ليلة رأس السنة الميلادية على إحدى القنوات التلفزيونية. الفنانة وضعت حينها مقطع فيديو ليلى عبد اللطيف على حسابها في فيسبوك وعلقت عليه قائلة: «بلاش إنتي يا ليلى، يا ساتر يا رب»! أما الفنان، الذي كان زوجها، فعلق عليه قائلاً: «كذب المنجمون ولو صدقوا». وأضاف: «لا يعلم الغيب إلا الله.. ولو علمتم الغيب لرضيتم الواقع، وأنا شخصياً لا أهتم بسماع التوقعات سواءٌ في الحياة الشخصية أو العمل».
إعلان الانفصال كان على شكل خبرٍ وضعته الفنانة على حسابها في «فيسبوك»، حرصت أن تذكر فيه أن بينها وبين الفنان الذي انفصلت عنه كل الاحترام والتقدير، في حين حرص الفنان على وضع تهنئة للفنانة، التي كانت زوجته، بمناسبة عيد ميلادها، الذي صادف تاريخه يوم إعلان الانفصال رسمياً من قبل الفنانة.
حول أسباب الانفصال انطلقت التوقعات وادعاء معرفة الكواليس وما خلف الكواليس، ونشطت الأخبار التي وصل بعضها إلى القذف الصريح لأحد طرفي العلاقة الزوجية متهماً إياه بالخيانة، الأمر الذي اضطر الطرف الثاني إلى نفي هذه الادعاءات جملةً وتفصيلاً، وتصنيفها شائعاتٍ لا أساس لها من الصحة، وكان هذا ضرورياً للحفاظ على الاحترام والتقدير الذي صاحب إعلان الانفصال.
الزواج والطلاق أمور تحدث بين ملايين البشر يومياً في أنحاء المعمورة كلها، لكنها تبقى محصورةً داخل دائرة صاحبي الشأن والأهل والأصدقاء المقربين عادةً، فلماذا يشغل انفصال فنانة عن زوجها أو انفصال فنان عن زوجته وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي على هذا النحو الذي يشكل انتهاكاً لخصوصية البشر، حتى لو جاء هذا الإعلان من قبل أحد طرفي العلاقة الزوجية، مثلما حدث في واقعة الانفصال الأخيرة هذه؟
هذا الانكشاف على الحياة الشخصية للبشر، فنانين كانوا أو أناساً عاديين، سمةٌ من سمات العصر الذي نعيشه. يؤيد هذا ما يفعله الكثيرون من مشاركة الآخرين تفاصيل حياتهم الشخصية عبر وسائط التواصل الاجتماعي. هذا النمط من تصرفات البعض تبرره المبالغ المالية الكبيرة التي يحصلون عليها من منصات التواصل الاجتماعي، والتي أعلاها مصدراً للدخل هي منصة «الأضواء» على سناب شات، حيث يذكر أحد الناشطين أن أرباحه منها تصل إلى ما يقرب من نصف مليون درهم شهرياً، وهو رقمٌ خياليٌّ بكل المقاييس إذا وضعنا في الاعتبار الجهد الذي يبذله هذا الناشط، أو غيره، مقابل الحصول على مبلغ مثل هذا، بل إن الأمر يأخذنا إلى «نظام التفاهة» الذي يمكن أن يكون تفسيراً لما يحدث في عالم المنصات هذا.
في مقدمة كتابه «نظام التفاهة» يقول أستاذ الفلسفة والعلوم السياسية في جامعة «كيبك» الكندية ألان دونو: «ما هو جوهر كفاءة الشخص التافه؟ إنه القدرة على التعرف على شخصٍ تافهٍ آخر. معاً، يدعم التافهون بعضهم بعضاً، فيرفع كلٌّ منهم الآخر، لتقع السلطة بيد جماعةٍ تكبر باستمرار، لأن الطيور على أشكالها تقع. ما يهم هنا لا يتعلق بتجنب الغباء، وإنما بالحرص على إحاطته بصور السلطة. إذا كان المظهر الخارجي للغباء لا يشبه التقدم، المهارة، الأمل، أو الرغبة الدائمة في التعديل، فإن أحداً لن يرغب في أن يكون غبياً، كما لاحظ روبرت موسل. كن مرتاحاً في إخفاء أوجه قصورك في سلوكك المعتاد، ادّع دائماً أنك شخصٌ براغماتيٌ، وكن مستعداً للتطوير من نفسك، فالتفاهة لا تعاني من نقصٍ لا بالقدرة ولا بالكفاءة».
طلاق الفنانين ربما يشكل لدى البعض خبراً غير عادي، لكنه من الناحية المنطقية خبرٌ عاديٌ مِثلُه مِثلُ خبرِ طلاق أي زوجين في الدنيا، فليس صحيحاً أن «وحش الكون مبقاش وحش الكون» لمجرد وقوع الطلاق، مثلما قال الإعلامي المصري تامر أمين معلقاً على خبر الانفصال، في إشارةٍ إلى الاسم الذي كان الفنان قد أطلقه على الفنانة أثناء زواجهما، مستمداً إياه من عبارة وردت في مسلسلٍ كانا قد تقاسما بطولته قبل الانفصال.
«وحش الكون مبقاش وحش الكون»