بمناسبة الدورة الثامنة عشرة من معرض دبي للطيران، قامت مؤسسة السركال الثقافية، بالتعاون مع هيئة دبي للطيران المدني، بإعادة نشر أول دليل تليفون لمطار دبي الدولي أصدرته شركة تليفون دبي المحدودة في سنة 1971م، وذلك إسهاماً من المؤسسة في التوثيق لمرحلة مهمة من مراحل التطور في دولة الإمارات العربية المتحدة.
هذه ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن الخدمات الهاتفية في إمارة دبي، فقد سبق أن كتبت في 25 نوفمبر من سنة 2001 في هذا المكان مقالاً عن أول دليل تليفون صدر في إمارة دبي، وكان في (1 جنوري 1961) كما هو مدون على غلاف النسخة التي عُثر عليها ضمن مجموعة وثائق المرحوم ناصر بن عبداللطيف السركال، وقد تصدرت الدليلَ في الطبعة التوثيقية لأقدم دليل تليفون لإمارة دبي وثيقةٌ بخط يده، يشرح فيها قصة تأسيس وافتتاح أول مركز لتليفون دبي في شهر يوليو من سنة 1960م.
جدير بالذكر أن المرحوم ناصر بن عبداللطيف السركال هو صاحب فكرة إنشاء «شركة تليفون دبي المحدودة»، وكان في سنة 1959 قد جلب هاتفاً يصل بين مكتبه الرئيس وفرع له في ديرة، عُدّ أول تليفون في دبي، كما جاء في مقدمة (دليل تليفون دبي) الذي قامت مؤسسة السركال الثقافية أيضاً بإعادة طباعته أكثر من مرة، آخرها في سنة 2020م.
في ملحق (دليل تليفون دبي) لسنة 1971 الخاص عن (مطار دبي الدولي) نلاحظ أن التليفونات أصبحت تتكون من خمسة أرقام، بعدما كانت تتكون من أربعة أرقام حينما دخلت الخدمة إمارة دبي في سنة 1960م، كما نلاحظ أن شركات الطيران المسجلة أرقامها في القاعة الرئيسة للمطار هي: طيران الشرق الأوسط «الخطوط الجوية اللبنانية»، والخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار «بي. أو. أي. سي»، والخطوط الجوية الكويتية، والخطوط الجوية السعودية، أما وكالات السفر فهي وكالة دبي للسفريات الوطنية، والغيث والموسى للسفريات، ومسجل معها دائرة بريد المطار، وبنك دبي الوطني، ومكتبة دبي.
وفي المنطقة الحرة مسجل بنك دبي الوطني المحدود، وعدد من المتاجر وهي: متجر الفردان، ومتجر عبدالله جابر، ومتجر هلال بن أحمد لوتاه، ومتجر علي سالم، ومحلات أشرف إخوان، ومتجر محبي، والمخزن الشرقي (محمد عبدالله الموسى).
قصدت من ذكر عدد وأسماء شركات الطيران ووكالات السفر والبنوك والمتاجر المسجلة في دليل تليفون مطار دبي الدولي في سنة 1971م، أن أعطي فكرة عن التطور الذي حصل في مطار دبي الدولي من افتتاحه في سنة 1960 وحتى اليوم، وهو تطور هائل لا يمكن وصفه، فقد أصبح مطار دبي الدولي في هذه العقود الستة واحداً من أفضل مطارات العالم وأسرعها نمواً، يتعامل مع أكثر من 2,2 مليون طن من الشحنات، وما يزيد على 65 مليون مسافر سنوياً، إذ تسيّر أكثر من 140 شركة طيران رحلات منتظمة تربط بين دبي وأكثر من 260 وجهة في القارات الست، ومن المتوقع أن ترتفع معدلات الحركة إلى 100 مليون مسافر و4 ملايين طن من الشحنات سنوياً في نهاية العقد الجاري، ويُعدّ من أكثر مطارات العالم استقبالاً للمسافرين الدوليين، وواحداً من أكثر المطارات في العالم ازدحاماً.
هذه الحقائق التي نلمسها حينما نقارن بين عدد شركات الطيران وعدد المتاجر المسجلة في ملحق دليل تليفون دبي لسنة 1971 الخاص بمطار دبي الدولي، وبين هذه الأرقام، إضافة إلى البيئة المناسبة لمزاولة الأعمال التي توفرها المنطقة الحرة بمطار دبي، والتي أُسّست في سنة 1996 لتصبح موطناً لأكثر من 2500 شركة مسجلة من أكثر من 20 قطاعاً وغيرها من الصناعات المتنوعة، هذه الحقائق وغيرها تؤكد أن الإرادة تفعل المعجزات، وأنها تجعل من الحلم واقعاً جميلاً ومبهراً وجذاباً.