نظم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، بالشراكة مع جامعة الأميرة نورة، ملتقى “اقتصاديات تعليم اللغة العربية- لغة ثانية”، مؤخراً، وذلك بحضور صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة المركز، وبمشاركة عددٍ من الأكاديميين والمتخصصين والخبراء.
وأكد الأمير تركي الفيصل بأن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية يرحب بجميع الأفكار والمشروعات التي تدعم تعليم اللغة العربية وتتعلّق بنهضة الثقافة العربية وشراكة كل المعنيين بها من المؤسّسات والهيئات الفكرية والثقافية والتعليمية العربية.
وقال سموه في كلمته التي ألقاها في ختام الملتقى: “تلعب مؤسسة الملك فيصل منذ تأسيسها دورًا رياديًّا في دعم اللغة العربية بكافة السبل، من خلال جائزة الملك فيصل العالمية التي خصصت إحدى جوائزها لدراسات اللغة العربية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الذي كان له جهد في إطلاق العديد من المشروعات الثقافية والفكرية التي تهمّ الإنسان العربي، وفي طليعتها إصدار دورية متخصصة في النحو والصرف والعروض والبلاغة العربية، وافتتاح برنامج اللغة العربية للناطقين بغيرها بمعهد الفيصل لتنمية الموارد البشرية للتدريب”. وأشاد تركي الفيصل، بجهود كل من: جامعة الأميرة نورة، ومركز الملك فيصل في خدمة لغتنا العربية، مشيرًا إلى أنها تمر بمرحلة عصيبة. وذكر أن العربية مكوِّن أصيل من مكوّنات هوية الأمّة ورمز خالد لانتماء أبنائها، كما أنها تمثّل ذاكرتها الثقافية والحضارية. وشدَّد على أن اللغة العربية قضية أمن قومي بلا منازع، وأداة معرفية لا يمكن الاستغناء عنها في أي مشروع عربي للتنمية؛ فالتاريخ لم يسجّل نهضةً علمية لشعب من الشعوب بغير لغته الوطنية”.
وقال الفيصل: “اللغة العربية كانت هي الناقل للحضارة، أما اليوم فنحن نتعرّض لهيمنة سياسية وثقافية أجنبية شاملة، ومن أخطر مظاهر هذه الهيمنة هي: لغة غير لغتنا على ألسنتنا ومنطوقنا اللغوي اليومي العام.. ولعلّنا نلحظ مظاهر هذا الخطر، أكثر ما نلحظه في صفوف شبابنا وتداولاتهم اللسانية والحوارية على شبكات الإنترنت وسائر المواقع والهواتف الجوَّالة، فهم يستخدمون لغة يقال إنها عربية، وهي ليست كذلك في شيء. وقد ناقشت فعاليات وجلسات الملتقى، الاستثمار والتجارب في مجال تعليم اللغة العربية- لغة ثانية؛ حيث أشارت بداية د. نوال الثنيان، إلى أن فكرة الملتقى جاءت بناء على مرتكزات عدة، أهمها: تحقيق رؤية 2030، والتي تؤكد على اقتصاد مزدهر وتنافسية جاذبة على المستوى العالمي، إضافة إلى أن نظام الجامعات الجديد يهدف إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي للجامعات من خلال تنمية الموارد، وتفعيل الشراكات مع مؤسسات القطاعين العام والخاص. وتناولت الجلسة الأولى “الاستثمار في مجال تعليم اللغة العربية، التطلعات والتحديات”، بمشاركة د. علي القرني مدير مكتب التربية العربي لدول الخليج الذي طالب بتوحيد الجهود وتركيز التعاون في مجال التأليف وصياغة المناهج، وذكر في الورقة التي قدمها بالجلسة بعنوان: “الاستثمار في تعليم العربية للناطقين بغيرها – سلسلة أحب العربية (أنموذجاً)” أن المكتب اعتبر هذه السلسلة استثمارًا متعدد الجوانب ترتقي فيه خدمة لغتنا العربية وثقافتنا فوق كل الاعتبارات بجانب خدمة خطط التنمية وبرامجها المتعددة في دول المنطقة، وأيضاً مشاركة الدكتور عبدالله الوشمي أمين عام مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الذي شدد على أهمية الدعم المعنوي وإعطاء الأجانب الذين يتحدثون اللغة العربية أولويةً وأفضلية في سوق العمل.
أما الجلسة الثانية التي جاءت تحت عنوان: “تجارب الرواد في مجال الاستثمار في تعليم اللغة العربية، لغة ثانية”، فأوضح خلالها د. صالح السحيباني من معهد تعليم اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن تعليم اللغة العربية في الجامعات الأميركية يحقق أعلى نسبة نمو مقارنة مع اللغات الأخرى، وأن هناك زيادة مطردة في عدد الجامعات في أميركا وأوروبا والبرازيل التي تعتمد اللغة العربية ضمن موادها، وذكر د. محمد البشري، مدرب لدى مؤسسة العربية للجميع، أنه رغم محدودية التمويل والجهود فإن أكثر من مليون شخص حول العالم وبالمجان استفاد من مشروع العربية للجميع. وأشار عماد الدغيثر الرئيس التنفيذي لشركة سيمانور إلى أن الألعاب والتطبيقات الإلكترونية وسيلة مهمة وناجعة في تعليم اللغة العربية وترويج الثقافة بشكل عام. فيما أبان المهندس وليد الدريعان المدير التنفيذي لشركة الخليج للتدريب والتعليم أن الشركة تسعى للاستثمار المستدام في مجال تعليم اللغة العربية، وتطمح لتعزيز وجودها عالميًّا بالتعاون مع مؤسسات وجمعيات تتبنى تعليم اللغة العربية في أوروبا وأميركا ودول شرق آسيا لأهداف ثقافية وسياحية ومادية.