معهد العالم العربي.. عاجزٌ مالياً

ابراهيم-الهاشمي

معهد العالم العربي في العاصمة الفرنسية باريس والذي بدأت إرهاصات تأسيسه ما قبل 1980 بعد اتفاق 18 دولة عربية مع فرنسا على إقامته، وافتتحه الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتيران سنة 1987 ليكون أداة للتعريف بالثقافة العربية ونشرها وتطوير المعرفة بالعالم العربي وبث حركة أبحاث معمقة حول لغته وقيمه الثقافية والروحية وتشجيع المبادلات والتعاون مع فرنسا والعالم العربي خاصة في ميادين العلوم والتقنيات وتنمية العلاقات بين العالم العربي وأوروبا.

هذا المركز الثقافي الذي يشكل قوة ناعمة قوية بلا أدنى شك ويعبر عن وجدان 22 بلداً عربياً، ويقوم على إدارته حالياً الشاعر شوقي عبدالأمير والمشهود له بعطائه النوعي الكبير، والذي يسعى لتحقيق الكثير من الأحلام والآمال العريضة التي يمكن أن تشكل قوة ناعمة ومؤثرة في الشعب الفرنسي والشعوب الأوروبية بلغة الثقافة والأدب والفن والموسيقى، ثقافة الشعوب والتواصل الإنساني والتفاهم والمحبة والسلام وإعطاء صورة حقيقية عن العالم العربي.
هذا المركز يهدده اليوم العجز المالي، وليس كأنشطة فقط، بل كوجود، ولولا الحكومة الفرنسية التي تتحمل جزءاً كبيراً من نفقاته لتوقف منذ زمن بعيد، ولولا جهود المديرين الذين تعاقبوا على إدارته لما كان قائماً حتى الآن.

من أحلام المعهد إنشاء بيت للغة العربية يُعلم الراغبين لغة العرب بشكل سليم وبأسلوب علمي يفتح آفاقاً أمام الدارسين والباحثين إلى تواصل أكثر حميمية وقرباً من الشخصية والوجدان العربي، لكن يقف العجز المالي أمام تحقيق ذلك، هناك مشروع مجلة تصدر باللغة الفرنسية تضم بين دفتيها الإبداع العربي بشتى توجهاته وأساليبه توزع في كل أوروبا لتكون بوابة للقارئ الأوروبي للاطلاع على الإبداع العربي، والكثير من الأفكار والأحلام التي تحتاج إلى دعم مالي سريع، فالدعم المادي شبه متوقف عربياً لمعهد يعتبر رئة تنفس عربية حقيقية في قلب أوروبا، خصوصاً في نشر مفاهيم التسامح التي نتطلع إليها في منطقتنا العربية.

معهد العالم العربي يحتاج إلى تكاتف الدول العربية ودعمها المالي قبل المعنوي ليقوم المعهد بمهمته على أكمل وجه بما يخدم العرب وقضاياهم، والمعهد قادر على أن يكون ممثلاً للوجه العربي الحقيقي في عموم أوروبا وليس فرنسا فقط، وله أن يلعب دوراً مؤثراً في إثراء المشهد الثقافي والإنساني، وقوة ناعمة تدعم المواقف العربية في أوروبا وتؤثر حتى في قراراتها السياسية، منطلقاً من ثقافة واعية أصيلة تمثلنا نحن العرب بشكل إيجابي وعلمي مدروس.
المعهد ناشط لكن بحدود وموارد ضعيفة لا تمكنه من تحقيق كل ما يصبو إليه وهو بحاجة إلى دعم مالي حقيقي يمكنه من تنفيذ أفكاره ومشاريعه التي بلا شك تساهم في تجذير الهوة بين العرب والغرب.
فمن يبدأ خطوة الدعم الأولى؟
جريدة الخليج