قبل شهور قدمت وزارة الثقافة والمعرفة، عملا رائدا لتقريب الكتاب من يد القارئ، وأطلق على هذه المبادرة اسم «مكتبات المقاهي»، وهي عبارة عن رفوف صغيرة، تم وضعها في زوايا بعض المقاهي، وهي تحمل جلّ إصدارات الوزارة، ومنها الدراسات والقصص والشعر، ونماذج مختلفة من كتب البيئة والفكر، والتاريخ الحديث منه والقديم.. وهذه الإصدارات هي لكتّاب من الإمارات ومن غيرها من الدول العربية، مما شجع رواد المقاهي على مثابرة الحضور، وتزجية مزيد من الوقت في قراءة الكتب المتوفرة، إذ وجد القرّاء ضالتهم في هذه الكتب، ومن خلال هذا التوجّه الجميل، الذي حرّك الماء الراكد في بحر العمل الثقافي، أصبح الكتاب أكثر حضورا، ومنح موائد المقاهي دورا لم يكن لها من قبل.
لقد سبق وأشرت في هذه الزاوية، إلى أهمية وجود مكتبات عامة في الأسواق، وهي الحاضنة لكثير من أطياف المجتمع المتفاوت ثقافيا، والآن وبما أن الخطوة قد بدأت، فما علينا سوى تعزيز هذا الاتجاه، والشد على أيدي الوزارة لتحقيق مثل هذه الأمنيات، التي قد تتسع لكي يشمل المشروع مكتبات أشمل وأرقى، وأن يوظف على هذه المكتبات من لهم دراية، وقادرون على الحفاظ على الكتاب وتسويقه بشكل لائق.
ومن خلال حضوري هذه المقاهي، لاحظت بعض السلبيات، ومنها معاملة الكتاب من بعض رواد المقاهي، معاملة استهتارية في غياب الإشراف على هذه الكتب، وأيضا لاحظت اختفاء بعض الكتب من تلك الرفوف، وتناقصها باستمرار، مما يدل على نقص في الوعي في التعامل مع الكتاب، ونقص آخر حيث لا تعليمات دالة إعادة الكتاب بشكل لائق، والاكتفاء بقراءته.
وحتى تتم الاستفادة من هذا المشروع الثقافي الجميل على وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، العمل مع كثير من المقاهي التي لديها رغبة في نشر الثقافة، وفي تخصيص زوايا للقراءة، على أن تكون الرغبة مشتركة بكل تفاصيلها، وحتى لا تتم العملية بهذا العرض المشوّه، كما يمكن أن يساهم القارئ في القرار، وفي منهجية الاستفادة من إصدارات الوزارة.
كذلك لا بد من التركيز على أهمية العرض الإلكتروني لهذه الكتب، وربط إصدارات الوزارة أو أي من الجهات الثقافية بالدولة، مع المقاهي الثقافية، وترجمة هذا المشروع الثقافي الجميل ليعم كمنظومة في سياق الحياة اليومية، وبهذا نصل بالكتاب بشكل حقيقي إلى الإنسان والمثقف وفي الأمكنة المحببة له.
جريدة الاتحاد