لم تنقطع مؤسسة «العويس الثقافية» عن ممارسة نشاطها منذ بداية انتشار جائحة «كورونا»، وهذا الالتزام دفع المؤسسة للتفكير بإيجاد سبل للتواصل مع جمهورها عبر المنصات الإلكترونية، وكان هناك العديد من الفعاليات المتواصلة منذ منتصف إبريل/ نيسان الماضي ، منها ندوة عن الشاعر سعيد بن عتيج الهاملي، وأخرى عن الفن التشكيلي، وندوتان عن الكتابة في زمن الكورونا، وشعراء منطقة الحيرة، وغيرها الكثير من الندوات التي حققت حضوراً افتراضياً جيداً كان يفوق أحياناً الواقعي.
هذا التواصل يعد مؤشراً إيجابياً حسب عبدالحميد أحمد، أمين عام مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، الذي عبر عن حماسه لاستمرار الاستفادة من التطور التقني والتواصل مع الجمهور عبر المنصات الإلكترونية في خطط المؤسسة المستقبلية، التي يخبرنا عنها هنا.
عن تفاعل الجمهور مع الندوات الافتراضية التي نشطت المؤسسة بإقامتها خلال الفترة الماضية، يقول أحمد: الحضور الجيد الذي جذبته الندوات التي أقمناها خلال الفترة المنصرمة، يعتبر مؤشراً إيجابياً يجعل المؤسسات الثقافية تفكر بالاستمرار مستقبلاً بهذا النوع من الأنشطة، لتعزز حضور الثقافة عموماً، وتعزز قاعدة الجمهور من داخل الإمارات وخارجها أيضاً، كما أن تفاعل الجماهير من خلال الأسئلة المكتوبة والموجهة للمتحدثين خلال الندوات، بالإضافة إلى الأريحية والخصوصية التي يتمتع بها المتحدث القادر على التحكم بظهوره وصوته ليتمتع بمساحة من الحرية والأريحية، كل هذه العوامل تؤكد نجاح هذه التجربة.
أما عن أهم الأنشطة التي أقيمت عبر العالم الافتراضي فيشير أحمد إلى أن أبرزها كان معرضاً عن جماعة الجدار، حيث أعدت المؤسسة فيلماً بعنوان «الإبداع شمس لا تغيب» لهم، شارك فيه:إحسان الخطيب، أحمد حيلوز، محمد الرمحي، محمد فهمي، محمد يوسف، نجاة مكي، فريد فاضل، سالم الجنيبي، رحاب صيدم، والراحل عبدالكريم السيد:، ويضيف أحمد: قدمنا من خلال هذا الفيلم أعمال هؤلاء الفنانين للجمهور مع توضيح تفاصيل هذه الأعمال، وإضافة شهادة لكل فنان مشارك ليبدو وكأن الجمهور حضر المعرض واقعياً، وأقيمت ندوة نقاشية حول الأعمال المعروضة وُثقت ورُفعت على الموقع هي والفيلم، ليكون متاحاً للجمهور في أي وقت. ومنح هذا العمل الإبداعي الجمهور أفقاً جديداً ونموذجاً آخر للأنشطة الثقافية، ورغم أنه لم يتم الانتقال بعد إلى الحفلات الفنية، لكن هناك تفكيراً بالتوسع بهذه النوعية من الأنشطة. فضلاً عن أن هذه الأنشطة يتم توثيقها عبر أفلام توضع على موقع المؤسسة الإلكتروني لمن فاتته المشاهدة، وهذا بفضل غنى العالم الرقمي، والثقافة جزء من هذا العالم المعرفي الواسع، ويرى أنه إذا كانت المؤسسات التعليمية تقدم العلم لتلاميذها عبر المنصات الإلكترونية فالأَولى أن تستمر المؤسسات الثقافية بتقديم الثقافة لجمهورها النخبوي عبر الوسائل ذاتها، فالمحتوى هو ذاته لم يختلف، لكن الاختلاف طرأ على إنتاج المعرفة والتلقي، واليوم في عموم الحياة يمكننا القول إن «العالم قبل كورونا ليس هو ذاته بعده».
الفعاليات المباشرة
عن عودة الفعاليات المباشرة إلى مقر المؤسسة يقول أحمد: قررنا أن يكون الحضور بنسبة 50% حضوراً جماهيرياً، و50% سيكون الحضور عبر الواقع الافتراضي.
ويوضح أن مرونة أجندة الفعاليات القادمة تتوقف على التغيرات المتعلقة بانتشار «كورونا» حيث يصعب التنبؤ بتطور الأوضاع.
مواصلة العمل
بالنسبة لمواصلة العمل والعودة إلى الحياة الطبيعية، يلفت أحمد إلى التخطيط لإقامة «معرض فرانكفورت الدولي للكتاب» بشكل مباشر أكتوبر القادم، ولدينا خطة حالياً لتنشيط نادي السينما، بأن نعرض أفلاماً عبر الموقع ونقيم غرفاً للنقاش حول الفيلم، كما نخطط للعمل على إقامة الندوات والأمسيات الشعرية الافتراضية بذات الطريقة، ويمكن من خلالها أن نستضيف شعراء فازوا بالجائزة، هذا تفكير مستقبلي ولكننا نعمل على الاستفادة منه في الأيام القادمة حتى وإن عادت الحياة إلى طبيعتها، فما تعلمناه من هذه التجربة أن نستفيد من هذه التقنيات التي وسعت الأفق والخيارات، مؤكداً أن المؤسسة حريصة على تقديم الأنشطة الجديدة، لكن لجمهور سليم يثق بالمكان الذي يذهب إليه.
ويشير إلى أنّ هناك تفكيراً لدى بعض معارض الكتب بتقديم معارض افتراضية، ويوضح: نحن ننظر لهذه الخطوات بعين التقدير والمباركة، ونفكر فعلياً بالقيام بخطوات مماثلة، لهذا عملنا على تطوير الموقع الإلكتروني للمؤسسة خلال الفترة الماضية، فبدأنا العمل على تزويد جرعة الأخبار النوعية لجذب المتابعين المهتمين، وانتقاء المقالات الجيدة التي تصب في الشأن الثقافي، مع نشر مختارات شعرية، ونوعية معينة من الكتب فضلاً عن الكتب التي تصدرها المؤسسة، لافتاً إلى الظروف الحالية أعادت الناس إلى القراءة وإلى السينما بحثاً عن المعرفة، وخاصة المتعلقة بالأحداث المشابهة فكم من نسخ «الطاعون» بيعت خلال الفترة الماضية، لأن الناس يريدون أن يعرفوا أكثر.
جريدة الخليج