«وعلى جبيني وردة وكتاب» في تصور أنيق لنزار قباني، وهو يضع في شطر هذا البيت قانون الجمال (الوردة والكتاب) نجد الشارقة تهيئ لنا متكأ من الورد والسلام، وترتب لنا موعداً – خشينا أن لا يحين – مع الكتاب. وإنه الموعد الآمن لمن أرهقه قلق الشوق للكتب، وتجده يتنقل بين مواقع التواصل الاجتماعي التي تتحدث عن الكتب وصفاً وتحليلاً وعرضاً، وتضع على منصاتها أخبار الكتب الجديدة. والقارئ يمني النفس بالحصول عليها والسعي خلف إشباع – أو محاولة إشباع – حاسة القراءة لديه.
وهذا القارئ الذي يرى الحياة مواسم للقراءة يرى معرض الشارقة للكتاب موسماً خصباً لهطول المعرفة، فتجده ينتظر هذا الموسم ليقطف جميل الإصدارات التي حلم بها طوال شهور الانتظار. إضافة إلى انتظار اللقاء المعرفي بالكتاب والأدباء والمفكرين الذين يحضرون إلى هذا المعرض، ولا أتحدث هنا فقط عن القارئ الذي يعيش على أرض الإمارات، ولكن القارئ أينما وجد، تقرأ انتظاره لهذا المعرض، ونراه يرتب جدول أعماله وفق تاريخ المعرض، وهذا الشغف لا يقف فقط عند القارئ، لكنه أيضاً يأخذنا نحو تصور الكاتب وصاحب دار النشر عن معرض الشارقة، فالكاتب أصبح اليوم يدرك أن هذا المعرض أصبح منصة عالمية تجتمع فيها أمة القراءة التي أصبحت تمتلك أدوات القراءة الأنيقة ومساحات النقد الثرية وصنع الحوارات الناجحة من خلال اللقاءات التي تنظمها إدارة المعرض بين الكاتب وجمهوره من أجل إيجاد تفاعل ثقافي حقيقي، وإعطاء الطرفين فرصة النقاش خارج حدود الورق.
ومن الضروري أيضاً أن ينشأ هذا الحوار بين الكاتب والفئات العمرية المتنوعة التي تزور المعرض، فنجد الأطفال والفتيان والناشئة يتلمسون ملامح الكتابة والقراءة. وإذا أتينا إلى الجناح الآخر من المعرض، وهو وجود الكم المتنوع من الثقافات الحاضرة، فإننا نجد الفضول المعرفي ينمو بشكل أكبر، فقد منحت إدارة المعرض المساحة لدور النشر القادمة من دول ذات لغات متنوعة تخدم ألسنة كثيرة. وهذا ما يُحدث فرصة التقارب المعرفي بين الشعوب.
ثم علينا أيضاً أن ندرك أهمية المعرض بالنسبة لدور النشر، وهي علاقة متبادلة، فنجد التنوع الكبير في دور النشر تعطي طابع العالمية للمعرض، وتفتح آفاقاً معرفية جديدة للقارئ، وتمنحه فرصة قراءة الأعمال الإبداعية والفكرية بلغتها الأصيلة، وتقربه من مصطلحاتها وأساليبها. وعلى الضفة الأخرى نجد الفائدة الكبرى كذلك لدار النشر التي تحقق انتشارها وتواصلها مع القارئ، وأن تستثمر هذا الحضور بمعرفة آراء قرائها.
إذن، فإننا حين نتحدث عن معرض الشارقة للكتاب، ونستحضر ما يحدث فيه من مشاهد القراءة العالمية، فإننا ندرك أننا نصل لنتيجة طبيعية هي أن العالم يقرأ من الشارقة.
جريدة الخليج