حارس فيروز الشرس – بقلم مارلين سلوم

C9BB7E24-63BA-40B3-B885-D6487AFC86A2

لماذا يتملكنا هذا الإحساس بأن على باب «القصر الفيروزي» حارساً شرساً يشن حروبه على كل من يحاول الاقتراب من سيدة القصر، حتى ولو دندن أغنياتها، أو أعاد إحياءها علناً؟ لماذا تعطينا ريما الرحباني هذا الانطباع، وتصر على إخفاء فيروزتنا الرقيقة الراقية عن العيون، لترمي من قلعتها الناس بالحجارة؟
ريما ابنة فيروز وعاصي الرحباني، تدير أعمال والدتها. من حقها طبعاً أن تحمي الإرث الفيروزي والرحباني، وأن تدافع عن حقوق والديها، متصدية لكل من يمسّه، أو يشوهه، لكن هل من حقها منع الناس من أداء أغاني فيروز، حتى إن حافظوا على حقوق الملكية الفكرية والفنية، وذكروا اسم المطربة، والمؤلف، والملحن؟
كل أعمال الفنانين تصبح ملكاً للناس، وفيروز نفسها أعادت بصوتها أغاني لمطربين آخرين، عرباً، وأجانب، مع عدم المقارنة طبعاً بين صوت فيروز، وأصوات بعض من يعيدون تقديم أغنياتها. وكم مرة سمعنا أغاني أم كلثوم، وعبد الوهاب، ونجاة، وغيرهم، بأصوات فنانين معروفين، وهواة مبتدئين.
يحزننا ابتعاد جوهرتنا عن الأضواء كأنها معتزلة، ويحزننا فرض هذا الطوق والحصار حولها كأنها متعالية لا تتعامل إلا مع فئة منتقاة من البشر، تختارها ريما وفق مزاجها.. فيروز بسيطة، وخجولة، وطيبة، فمن يؤذي صورتها أكثر: من يردد أغنياتها، أم من يهاجم الناس بكلمات مهينة، وبتنمر وتعال واضحين، ويرشقهم بالحجارة؟
ليست المشكلة في غيرة ريما على إرث والديها، بل في أسلوبها بالرد والسخرية من الناس، والتقليل من شأنهم، والأنكى الألفاظ التي تستخدمها والتي لا تليق باسم فيروز، وصورتها، وتاريخها، وأخلاقها، أوَليست هذه من الموروث الفيروزي أيضاً، الذي يجب الحرص عليه؟
آخر معارك ريما على صفحتها مع مايا دياب، وقناة «ام تي في» اللبنانية، والموزع الموسيقي هادي شرارة، بسبب حفل وطني خيري أقاموه لمساعدة أبناء بيروت المتضررين من انفجار المرفأ، غنت فيه دياب باقة من أغاني فيروز. العبارات التي استخدمتها ريما تسيء إلى رمز الرقي، والأدب، والفن، فهذا الصوت الملائكي لا يستحق أن ينوب عنه من يشتم الآخرين، أياً كانوا، واستخدام ألفاظ من نوعية «عهر فني» بينما الحفل كان وطنياً، لا يليق بالأغنيات، ورموزها. لم يسلم من شرها لا صاحب القناة، ولا العاملين فيها، بجانب دياب، وشرارة.
لست من المعجبين بمايا دياب، إنما الحفل الخيري لم يكن فيه ما يمس فيروزتنا الثمينة، بل هي المخرجة ريما التي مست بسمعة الرحابنة، وأثارت ضجة. وهي نفسها التي سبق أن شنت حملات على إليسا التي أدت أغنية لفيروز بصوتها، فسخرت من «الالتواء في فمها»، وشنت معارك مع ابن عمها غدي الرحباني، ومع المسؤولين عن مهرجانات بعلبك، وغيرهم.
ماذا قدمت ريما لفيروز؟ ماذا أضافت للموروث الرحباني؟ كيف تقدمها اليوم وهي ما زالت قادرة على العطاء؟ ليست ريما، ولا زياد، ولا أبناء الرحابنة هم أولادهم فقط، فكلنا ولدنا وفي فمنا أغنية لفيروز، ونغمة رحبانية ننام على إيقاعها.

جريدة الخليج