أليس عام 2020 جديراً بصفة المعلم الشرس؟ لكن البشرية هي التي ستعطيه صفراً على عشرين. إلى حدّ الآن هو الثور الهائج في دكان خزف. جنايتان لا تغتفران: كورونا وبركان بيروت. ماذا يخبّئ لنا الثلث الأخير؟
ياساتر.
لا علينا، فالعالم العربي برهن على أنه غير مستعدّ للفصول التراجيدية. الشعار السائد: «دع ما سيكون أن يكون». حين ترى المدن والبلدان تطير، فعليك أن تصبّ كل همومك في همّ واحد،كما يقول جلال الدين الرومي، وأن تسأل: ما هي الثقافة التي تسكن جماجم القوم؟ ما هو مفهوم الثقافة لديهم؟ من هو المثقف في نظرهم؟ هو شخص اطلع على التراث العربيّ والأدب العالمي، وله رصيد في الفنون حسب ذوقه وميوله، الموسيقى، الفنون التشكيلية، المسرح، السينما. قد تكون له علاقة بالتاريخ، الاجتماع، النفس، العلوم، الحضارات، الأديان، الفلسفة إلخ.
صاحبنا يستطيع أن يحاضر في الهوية الثقافية، ودور الثقافة في حياة الفرد والمجتمع، لكنه ينسى دائماً أن يسأل نفسه: لماذا ظلت الثقافة والمثقفون في العالم العربي أعجز من أن يحرّكوا ساكناً في الحياة العامّة؟ أمامك الأمثلة الملموسة: أيّ بلد عربي ازدهرت فيه الثقافة الحرّة وحريات الفكر والرأي والتعبير، إلى حدود الانفلات مثل لبنان؟ كان ملجأ للمثقفين العرب، وأهمّ قاعدة للإعلام العربي، بل ومدرسة إعلامية، بالرغم من كثرة مساوئ الإعلام اللبناني.
الآن السؤال: كيف رضي المثقفون والإعلاميون في بلاد الأرز، العيش منذ 1943 تحت نير نظام طائفي يسطو عليه قبضايات الطوائف، الذين هم أساس الفساد، وهم الذين يمشون في الأرض مرحاً زهواً بأنهم حماة الديمقراطية. ألم يقل رئيس الوزراء الأسبق سليم الحص: «لبنان حرية كثيرة وديمقراطية قليلة». ما تلك الثقافة وذلك الإعلام اللذان يلتزمان اللامبالاة عشرات السنين، نائمين عن الفساد إلى أن تنكب البلاد والعباد؟
عودوا إلى الوراء، ما وزن الثقافة والمثقفين والإعلام والإعلاميين قبل انهيار العراق وليبيا وسوريا؟ وماذا عن البلدان العربية الأخرى، التي عرفت كل ألوان الحيف في أنظمة طبائع الاستبداد؟ قد تكون تلك التي لم تشهد الانهيار الكامل، ذاقت ويلات مرارات أشدّ علقماً، ولكنها تماسكت في ترنحّ، أو«كالديك يرقص، مذبوحاً، من الألم».
لزوم ما يلزم: النتيجة الزعليّة: ثقيل أن تقول للمثقفين كيف فصلتم الثقافة عن الحياة؟ أنتم تعرفون روسو؟ من منكم نادى بعقد اجتماعي؟
جريدة الخليج