الساعة 00:51:27 – بقلم علي عبيد الهاملي

علي-عبيد-الهاملي-1

حلول الساعة 00:51:27 من يوم الأربعاء 15 يوليو 2020 يكون أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة قد حققوا إنجازاً جديداً في مجال ارتياد الفضاء بإطلاق «مسبار الأمل» إلى كوكب المريخ، كي يصل إلى مداره مع الاحتفال بمرور 50 عاماً على اتحادهم.

هذه الخطوة تأتي بعد خطوات حققها أبناء الإمارات في مجال ارتياد الفضاء، تحقيقاً لطموح مؤسس دولتهم، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ أن وضع رواد الفضاء الأمريكيون أمامه مجسم مركبة الفضاء «أبولو» عندما كان يستقبل مجموعة منهم عام 1976. الطموح حق مشروع لكل البشر، لكن هناك من يمتلك القدرة على تحقيق طموحه، وهناك من تقصر قدراته عن تحقيق هذا الطموح.

وقد أثبت أبناء الإمارات على مدى التاريخ أنهم قادرون على تحقيق طموحهم الذي لا تحده حدود، ولا تقف دون تحقيقه صعوبات، فاحتلوا الرقم 1 عربياً في مجال الفضاء، وكانت وكالة الإمارات للفضاء أول وكالة عربية يتم إنشاؤها على مستوى العالم العربي بهدف تنظيم وتطوير الصناعة الفضائية، وكان «خليفة سات» أول قمر صناعي يتم تصنيعه بأيد إماراتية بنسبة 100 في المئة، وكان برنامج رواد الفضاء الذي أطلقته دولة الإمارات عام 2017 أول برنامج من نوعه يتم إطلاقه عربياً، وكان قانون الفضاء الأول من نوعه عربياً وإسلامياً، وكان هزاع المنصوري أول رائد فضاء عربي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، وكان مشروع «نوابغ الفضاء العرب» أول مشروع من نوعه يتم إطلاقه في العالم العربي لتدريب العرب الموهوبين في مجال علوم الفضاء وتقنياته، وسيكون «مسبار الأمل» أول مسبار عربي إسلامي يتم إطلاقه إلى كوكب المريخ لدراسة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.

إنجازات وخطوات متقدمة ما كان لها أن تتحقق لولا الرؤية الثاقبة لقادة دولة الإمارات، والطموح الذي لا تحده حدود، ولا تقف دون تحقيقه تحديات.

فمن كان يتصور قبل خمسة عقود، عندما كانت الإمارات بلدات متناثرة على ضفاف الخليج العربي، تبحث لها عن موضع قدم بين شقيقاتها العربيات اللواتي سبقنها إلى الاستقلال والتعليم والتقدم والنهضة، من كان يتصور أن هذه الإمارات المتباعدة، مثل حبات تناثرت من مسبحة، سيكون لها كل هذا الشأن بين الدول ذات الإنجازات العلمية الكبرى؟ إنها الإرادة وحدها من تستطيع أن تمحو كلمة «مستحيل» من قاموس الدول والشعوب، وإنه التصميم وحده من يستطيع أن يحول المصاعب إلى تحديات، وأن يحول التحديات إلى فرص لإثبات الذات، وأن يحول الفرص إلى إنجازات على أرض الواقع، تتحدث عن نفسها دونما حاجة إلى دليل مثلما هو ضوء النهار الساطع.

وإذا كان قيام دولة الاتحاد قبل خمسة عقود هي على وشك الاكتمال هو التحدي الأول الذي واجهه مؤسسو دولة الإمارات الأوائل واستطاعوا أن يطوعوه بعزمهم وإرادتهم، فإن التحديات التي تلته وتم قهرها وتجاوزها كانت تشكل، تحدياً بعد آخر، الصورة الناصعة التي عرفها العالم عن قادة دولة الإمارات وشعبها، على النحو الذي جعل من دولة الإمارات أنموذجاً فريداً للدولة الناجحة، والملهم الأكبر للشعوب العربية التي تتطلع إلى مستقبل أفضل، وسط هذا الظلام الذي يغرق فيه الوطن العربي، ويكرس نماذج دول فاشلة في الكثير من أنحائه، ويشرد الكثير من شعوبه، ويفاقم من أزماته ومشكلاته وويلاته.

لقد استطاعت دولة الإمارات أن تحطم من خلال مشروع «مسبار الأمل» أرقاماً عدة، كما ذكر معالي محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، خلال الاجتماع الذي عقده مع القيادات الإعلامية في دولة الإمارات الأسبوع الماضي.

فقد تمكن أبناء الإمارات من أن ينجزوا المسبار، بدءاً من الفكرة وحتى الإطلاق، خلال ست سنوات فقط، علماً بأن معظم المهمات المشابهة تستغرق ما لا يقل عن عشر سنوات، وبلغت كُلفة المسبار 200 مليون دولار، وهي تعد من بين الأقل في العالم قياساً بمهمات ومشروعات مماثلة.

كل ذلك بفضل جهود الكوادر الهندسية والبحثية والعلمية من أبناء وبنات الإمارات الذين آلوا على أنفسهم تحقيق طموح قادة دولتهم وشعبها والأمتين العربية والإسلامية. حدث هذا كله وسط تحديات فرضتها الأوضاع الناجمة عن وباء فيروس «كورونا» المستجد، وما تسبب به في تعطيل حركة النقل والسفر في معظم أنحاء العالم.

لقد وقف العالم خلال الفترة الماضية منبهراً أمام إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الفضاء وصناعته. وعندما تعانق عقارب الساعة الثانية السابعة والعشرين، بعد الدقيقة الحادية والخمسين، من الساعة الأولى من ساعات يوم الأربعاء، الخامس عشر من شهر يوليو الحالي، سيقف العالم ليصفّق من جديد لأبناء دولة الإمارات، ويسجل إنجازاً جديداً لدولةٍ عِشْق أبنائها الأبديّ تحقيق الإنجازات.

جريدة البيان