عرفتها عن قرب في أحد معارض الدولة الخارجية التي كانت تشرف عليها بحكم منصبها. كان ذلك قبل ما يزيد على 25 عاماً، عرفت الدقة وفن الضيافة والاهتمام بكل التفاصيل، لكن عرفت قبل كل ذلك معدن هذه المرأة الأم، التي كانت تتعامل مع الجميع بكل رقي وحب وصدق ورحابة صدر. تتعامل بحنو الأم مع كل مشارك في المعرض حتى من هم يكبرونها سناً بكثير، تزرع الطمأنينة في كل القلوب وهذا كان مصدر نجاحها وفرادتها.
منذ ذلك اليوم وأنا لا أناديها إلا «ماما حصة» وهي فعلاً أم بكل معنى الكلمة، تشعرك بذلك في كل تصرفاتها الأصيلة النابعة من القلب وأسلوبها الرقيق الدافئ الرحيم.
حصة حسن يحيى العسيلي ليست مجرد اسم عابر في تاريخ الإمارات بل هي علم من أعلامه الخفاقة بالعطاء والبذل والتضحية والإنسانية، هي «أم الإعلام» فهي أول صوت نسائي إماراتي يعبر الأثير إلى أسماعنا من خلال إذاعة صوت الساحل من الشارقة سنة 1965، وهي ما زالت على مقاعد الدراسة الثانوية، مكملة المسيرة عبر تلفزيون الكويت من دبي كمذيعة سنة 1969، ثم بعد إكمالها دراستها الجامعية مديرة لإدارة المعارض بوزارة الإعلام والثقافة من 1974 حتى سنة 2000، شاركت خلالها في تنظيم أكثر من 150 معرضاً عالمياً باسم دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت أول امرأة عربية تتولى منصب مفوض عام لجناح دولة عربية هي الإمارات في المعارض العالمية مثل معرض أشبيلية بإسبانيا 1992، ولشبونة بالبرتغال 1998، وأول امرأة عربية يتم اختيارها عضواً في اللجنة العليا للتسيير والإشراف على إكسبو هانوفر 2000. نالت من جوائز التقدير والتكريم الكثير وهي تستحقها ليس فقط بسبب عطائها المميز عبر كل تلك السنوات بل على أسلوب عملها الفريد والمختلف والنابع من القلب حباً للوطن وحباً لكل من يعمل معها أو تتعامل معه أو يتعرف عليها. لست هنا راصداً لتاريخها الحافل بالعطاء، فما قدمته أكثر بكثير من هذه الخلاصة البسيطة الموجزة التي تؤطر لإطلالات على محطات في مسيرتها الطويلة.
ولأن «ماما حصة» نبع عطاء متدفق لا يتوقف عن العطاء فهي ما زالت تمنحنا الدفء والحميمية والراحة عبر برنامجها الإذاعي الثقافي «الأولى مع الأولى» الذي يبث عبر أثير إذاعة الأولى من دبي التابعة لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث.
ماما حصة، أم الإعلام، لك حضور يلامس شغاف القلب، ومكانة لا يشاركك فيها أحد، تبقين دائماً وأبداً قيمة ورمزاً نستلهم منه الكثير من مفردات البذل والنبل والعطاء وفن التعامل والعمل.
«ماما حصة» لي شرف معرفتك، ولك من ابنك كل المحبة.
جريدة الخليج