تحدث الشاعر محمود نور عن الحضور الروحاني لشهر رمضان قائلاً: «يحاول المرء أن يرتقي بأقواله وأفعاله ومراميه، فيصل ويتواصل ويعيد حساباته لتسمو نفسه فتتماهى مع قدسية الذكرى، رمضان شهر مبارك ومحبب يجتمع فيه الناس سواء أقرباء، أم جيران أم أصدقاء، حيث يحلو السهر والسمر بعد يوم انقطاع عن الطعام، ويتذكر الواحد منا لحظة الإفطار، و الناس الذين يحتاجون إلى المساعدة، فتمتد الأيدي الخيِّرة لتقوم بما هو واجب وخير، وكنا نراقب في صغرنا ما كان يفعله الكبار فنتعلم ونمتلئ بتلك الشفافية لنحملها إلى المستقبل، ونودعها في عهدة أبنائنا، وبعد الإفطار كنا ننتقل إلى المجلس، حيث تدور أحاديث شائقة في مختلف أمور الحياة، والتي تميزت بطعمها الخاص، إضافة إلى ذلك الدعوات المتبادلة بين الأهل والأصدقاء الذين يجتمعون معًا بدفء وشفافية يشعرانك بالسعادة والمودة، لتأتي بعد ذلك صلاة التراويح فتمنحك روحًا صافية».
ويتابع: «كانت الخيام الرمضانية أمكنة للأدب والشعر، والألعاب المسلية، وفيها يتم التعارف إلى آخر ما أنتجه الشعراء والأدباء والمفكرون، وأيضاً للتعرف إلى من يجب مساعدتهم من دون أن يشعروا بذلك حفاظًا على مشاعرهم، وهناك الألعاب الرياضية، والتي يتنافس فيها اللاعبون للفوز، بنفوس منفتحة وتحديات لطيفة».
ويضيف: «في شهر رمضان أخلد إلى نفسي فأقيِّم أفعالي، وأمارس نشاطاتي الفكرية بكل صفاءٍ ومودة، ولهذا أذكر أنني منذ أكثر من عشر سنوات كتبت خلال شهر رمضان ثماني وعشرين مقطوعة شعرية ثلاثية ورباعية وخماسية أي بعدد أحرف الهجاء العربية، وهذا يعني أن فيض الروحانية يستدعي الموهبة للتعبير عن صدق المشاعر خلال الشهر الفضيل، وأهم كتاب أعود مراراً لمطالعته هو القرآن الكريم، ففيه أجد الراحة والإجابة عن كافة تساؤلاتي حول أمور الحياة الدنيا والآخرة، وأستمتع بقدسية الآيات، وصحة بيانها ومراميها التي تحيي في نفس المرء قِيَمًا قد تشغله عنها أحيانًا هموم الحياة، إضافة إلى قراءة التاريخ العربي والإسلامي، والمثابرة على قراءة الشعر العربي، ومقتطفات منه من العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث».
وبالنسبة للكتابة يقول نور: «في شهر رمضان لديّ متسعٌ من الوقت للتفكير، وهذا بالطبع يمنحني متسعًا من الوقت للكتابة، فالتعامل مع الشعر كان ولا يزال من أولوياتي كشاعر أكتب الفصيح والعامي، إضافة إلى مقطوعات نثرية أعبِّر من خلالها عمَّا يدور في خاطري، ويستحق أن يطلع عليه الآخرون، ولا أنسى هنا تواصلي مع الأصدقاء، والشعراء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي».
وينصح نور الجميع بالقراءة فهي رياضةٌ فكريةٌ لا بد من ممارستها، لكونها عملية تدريبٍ وتمرينٍ ورفعٍ لمستوى الاستيعاب والانفتاح على الأفكار التي تَرِدُ في الكتب، وتعبِّر عما يدور في أذهان الأدباء والشعراء، لكن أهم كتاب أنصح بقراءته والذي لا يخلو منه بيت هو القرآن الكريم، ففي الذكر الحكيم عظةٌ وعبرة، وسلوكياتٌ اجتماعيةٌ روحانيةٌ تصقل أفعال المرء. ويجب أيضًا على من يودّ القراءة أن يتعرف إلى ما ينتجه الأدباء والشعراء الإماراتيون، فمتابعة الإنتاج الإماراتي يرفع سوية القارئ، والكاتب مَعًا، إذ يمكن في الزمن الحالي والمستقبلي التواصل مع المؤلف سواء كان شاعرًا أم كاتب روايةٍ أو قصةٍ لإبداء الرأي في ما ورد لديه، وهذا سيفيد الكاتب والقارئ أيضًا، كما أنصح بقراءة كتب التراث الإماراتي التي تكاد تُنسى للتعرف على المجهود الكبير الذي بذله الآباء والأجداد لكي ننعم بما ننعم به اليوم من استقرار وانفتاح.
جريدة الخليج