وجهت سمو الشيخه لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم ، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي “دبي للثقافة” ، رسالة مهمة بكل تفاؤل وأمل ،إلى المبدعين والمبتكرين والفنانين والعاملين وكافة الأطراف الفاعلة في القطاع الإبداعي والثقافي ، ضمن هذه الظروف الاستثنائية التي نعيشها اليوم.
هذا نصها:
الزملاء الأعزاء.. المبدعون.. والمبتكرون.. والفنانون.. والعاملون وكافة الأطراف الفاعلة في القطاع الإبداعي والثقافي.. نعيش اليوم ظروفاً استثنائيةً وضعتنا جميعاً أمام تحدٍّ مصيري يتطلب منّا الالتزام بالتعليمات والتوجيهات العامة لنتجاوز معاً الوضع الراهن.
باتت البشرية جمعاء في خندق واحد أمام خطر تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) عالمياً، وندرك جميعاً أبعاد هذه الأزمة الحقيقية ومدى تأثيرها على القطاع الثقافي. وإنني أبعث إليكم برسالتي اليوم، ليس لأضيف شيئاً جديداً إلى ما تطرّق إليه الحوار العالمي، وإنما لأؤكد لكم أننا معاً نخوض هذه المعركة الراهنة وسننتصر ونتعافى منها وسنصبح أقوى مما كنّا عليه.
أنتم تحملون شعلة الأمل التي تضيء للجميع بروح الإلهام والتفاؤل، كحال دبي، لأنكم مبدعون، وإنني كعادتي فخورة بما لمسته من أداء مذهل ومرونة عالية وتضافر للجهود بين كافة الأطراف الفاعلة في المشهد الإبداعي المحلي للتأقلم سريعاً مع تحديات الوضع الراهن.
ومن بين أبرز الأمثلة على ذلك معرض “آرت دبي”، التظاهرة الفنية اللامعة وأكثر الفعاليات الثقافية زخماً في المنطقة، والذي نجح بعد مرور أيام من الإعلان عن تأجيل نسخته هذا العام في الانتقال ببرنامجه الحافل بالفعاليات والحوارات إلى الفضاء الرقمي، بما فيها “منتدى الفن العالمي” الذي أصبح متوفراً عبر البث المباشر؛ هذا بالإضافة إلى برنامج عروض الأداء الذي أصبح متاحاً للجميع عبر شبكة الإنترنت، ناهيكم عن محتوى المعرض الذي أصبح الوصول إليه متاحاً أمام عموم الجمهور عبر المنصّات والقنوات الرقمية، بما سيضمن استقطاب شريحة جديدة من الجمهور الذي لم تسبق له فرصة التعرّف على مثل هذه المحتوى الثقافي.
أما “السركال أفينيو“، فقد انتقل بمحتواه المادي إلى العالم الإلكتروني بأسلوب مبتكر. وبذلك، أصبح عشّاق الفنون والمبدعون على موعد مع تجربة فريدة من نوعها تمنحهم جميعاً على حد سواء فرصة رائعةً لمتابعة فعاليات صالات العرض، حيث سيكون بمقدورهم التجوّل بين المعارض والتفاعل معها من منازلهم بأساليب مبتكرة جديدة، وقد شهدت فعالية “الافتتاح من المنزل” #VernissageFromHome حضور ثلاثة آلاف شخص ضمن تجربة رقمية فريدة.
ولجأ أيضًا مركز جميل للفنون إلى منصاته عبر الإنترنت، بما في ذلك قنوات التواصل الاجتماعي، للتفاعل مع جمهوره، وبالتالي تسريع تنفيذ استراتيجياتهم الرقمية المخطط لها مسبقًا.
وهناك مثال آخر رائع مع “معرض الخريجين العالمي”، مبادرة دبي غير الربحية المُقامة على مدار العام بمشاركة الفنانين والمصممين من خريجي وطلاب الجامعات لتقديم مشاريع مبتكرة تعود بالنفع والتأثير الإيجابي على المجتمع العالمي، حيث وجّه المعرض دعوةً عامةً إلى الجامعات والطلاّب لإيجاد حلول مبتكرة قادرة على مواجهة التحديات الناجمة عن فيروس كورونا (كوفيد-19). وإنني حقاً متفائلة لرؤية الحلول المبدعة التي ستبتكرها أبرز العقول الشابة من حول العالم.
وعلى خلفية الظروف الراهنة، أعلنّا في الأسبوع الماضي عن الإغلاق المؤقت لكافة المتاحف والوجهات التراثية المنتشرة في كافة أنحاء دبي، وفي المقابل أتحنا من خلال منصّة “دبي ٣٦٠” الإلكترونية للزوّار فرصة استكشاف متاحفنا ومواقعنا التراثية عبر الإنترنت.
كل هذه ليست سوى نماذج قليلة من بين طرق مبتكرة عديدة ومستمرة تُظهر مرونة مجتمعنا الإبداعي وقدرته على التأقلم السريع في مثل هذه الظروف التي نعيشها حالياً.
ومنذ البدايات الأولى للوضع الراهن، أظهرت حكومتنا قدرتها الكبيرة على دعم مجتمع الإمارات، لتمضي بهمة عالية نحو تحقيق هدفها الأسمى المتمثّل في إرساء أسس مستقبل مزدهر يعزز رفاه كافة أفراد المجتمع. وبناءً على توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أطلق سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم مؤخراً حزمة حوافز اقتصادية بقيمة 1.5 مليار درهم للحد من آثار فيروس كورونا بهدف دعم قطاع الأعمال وحماية الشركات، وخاصة قطاعات السياحة والتجزئة والتجارة والطاقة. وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن تنخفض تكلفة المعيشة في دبي بفضل خفض تكاليف خدمات الكهرباء والماء.
وانطلاقاً من التزام هيئة دبي للثقافة والفنون، فإننا نشارك بنشاط ضمن سلسلة واسعة من الحوارات مع أبرز الأطراف الفاعلة في المشهد الثقافي المحلي عبر المنصات والقنوات الإلكترونية، حيث نتبادل الآراء ونتابع التحديات ومستجدات الوضع الراهن، ونتباحث السُبل الممكنة لإيجاد حلول مبتكرة على المدى القريب متطلعين قدماً نحو مستقبل قطاعنا وناظرين إليه بكل أمل لرسم ملامحه بعد أزمة فيروس كورونا (كوفيد-19).
إننا لا نزال أمام تحدٍّ كبير في مواجهة هذه الأزمة، لكننا هنا معكم ونستمع إليكم. وإنني أتوجّه إليكم جميعاً لمواصلة الجهود والحوار الملهم، انطلاقاً من طبيعة الفنون التي نلجأ إليها بكافة أشكالها كي تتقد شعلة الأمل بداخلنا في مواجهة مثل هذه التحديات. واصلوا إبداعكم وشاركونا أفكاركم وابتكاراتكم، واستمروا قدماً وكلكم أمل وتفاؤل.
وختاماً، أتوجه بجزيل الشكر والتقدير إلى حكومتنا الرشيدة ومؤسساتنا الوطنية وكافة أفراد مجتمعنا المحلي والأطراف الفاعلة في المجتمع الإبداعي تقديراً لمساهمتهم البارزة في دعم العديد من المبادرات الملهمة، واحتفاءً بدورهم المحوري في ترسيخ روح الأمل والتفاؤل في إمارة دبي بهمم عالية، والشكر موصول إلى الجنود المجهولين الذين لم يبخلوا بجهودهم لحمايتنا والحفاظ على سلامة أحبائنا، وأخص بالذكر هنا أطباءنا وعناصر الشرطة والممرضين وفرق الاستجابة الفورية وخط دفاعنا الأول والعاملين في القطاع الصحي، وجميع الأفراد العاملين الذين يكافحون ويعملون لخدمتنا ولم يكن بمقدورهم العمل عن بُعد من منازلهم خلال هذه الفترة. شكراً لكم جميعاً، نشكركم من أعماق قلوبنا