واصلت مجلة “قراءات” الشهرية التي تُعنى بعروض الكتب العالمية، تقديم ملفاتها عن قضايا وظواهر باتت محط أنظار العالم من خلال عدد كبير من الكتب في كل عدد تتناول واحدة من القضايا الراهنة، وفي عددها الجديد الصادر حديثاً تناولت “قراءات” موضوع “التكنولوجيا الرقمية: نعمة أم نقمة؟” فقد بينت الأرقام أن جمهور قرّاء الكتاب الالكتروني هم من الشباب، وأن بدايات الكتاب الرقمي برزت جدياً في أوائل تسعينات القرن الماضي، ذلك بعد مبادرات متفرّقة سابقة في مجال الوثائق خاصّة في الولايات المتحدة الأميركية وكندا.
وأضافت المجلة في موضوعها أنه بالتوازي مع تقدّم التكنولوجيات الرقمية ظهرت “دور النشر الرقمية حصراً وأخذ الكتاب الرقمي “الالكتروني” حصته في سوق الكتاب. والإشارة في هذا الصدد أنّ الـقراءات الرقمية راجت أوّلا في أميركا ـ الولايات المتحدة وكندا وأوروبا… ثمّ بنسب مختلفة في بلدان العالم الأخرى، حيث ازدهرت الثمرات التكنولوجية للثورة الرقمية.
ومع بروز الكتاب الرقمي تعددت الآراء حوله، فوائده ومخاطره؟ حقوق المؤلف وحقوق النشر؟ مدى قبول القرّاء له أو رفضه؟ العلاقة بين “الشاشات” و” الورق”؟ “الكلفة” والثمن”؟….الخ.
وعبر مجموعة من الكتب الفرنسية والانجليزية لخصت “قراءات” كتاب “الحياة رقميا 2040” تأليف كينغ وانغ بوون وآخرون، وكتاب “مهن المستقبل” تأليف ايزابيل روهان وكلارا ــ دوانا شيمليك، وكتاب “ما فعلته التكنولوجيات الرقمية للكتاب” تأليف برتران لوجاندر، وكتاب “المبرمِجون” تأليف كليف تومسون، وغيرها من الملخصات القصيرة التي تصدت لموضوع “التكنولوجيا الرقمية: نعمة أم نقمة؟” وخلصت إلى مقولات عديدة منها: هل سيساهم “الذكاء الاصطناعي بازدهار مهن جديدة ويخلق المزيد من فرص العمل، والنشر المكرّس للشباب ونشر الرسوم المتحرّكة يميلان للاقتراب من صناعات الألعاب والصناعات السمعية ــ البصرية، و “التكنولوجيات الرقمية” غيّرت الكثير من سلوك البشر حيال “العمل”.
وطافت مواضيع العدد على محطات مختلفة من المواد التي لها علاقة بالقراءة منها: أمير الكتب ـ عن سائق شاحنة نفايات يؤسس مكتبة عامة من القمامة، وعرض لرواية “شكل الأنقاض” للكولومبي خوان غابرييل فاسكيز، ومن اليابان اختارت المجلة الكتب الأكثر قراءة وتقدمتها رواية “موساشي” للروائي الياباني ايجي يوشكاوا، وفي رحلته المتنوعة حفل العدد بعرض كتاب “المستقبل أسيوي” للكاتب باراغ خانا، ثم قرأت المجلة “تاريخ شعوب أميركا” للكاتبة الإسبانية ـ الفرنسية كارمن برنار، وعن عودة روسيا إلى مقدمة المسرح كان هناك كتاب “روسيا في العالم” وهو تأليف جماعي أشرفت عليه آن دو تينغي، كما عرضت المجلة كتاب “فيتنام ـ مأساة بطولية” لمؤلفه ماكس هاستينغ، ولن تنس المجلة مراجعة كتاب “مناطق رماية” الذي يتناول حالة الـ “بين بين” حيث يشرح الصحفي الفرنسي غيدز ميناسيان مواقف للدول تائهة بين الأبيض والأسود، وعَرَجت المجلة على المنطقة العربية فاختارت الموضوع السوري حيث عرضت لكتاب “تحالفات قوة إقليمية” والذي يتناول فيه الأكاديمي فرنسيسكو بلكاسترو السياسة السورية الخارجية بين عامي 1963 ـ 1989، ثم يتناول كتاب الاستاذ في جامعة السوربون علي العايدي “القانون ـ سلاح جديد في الحرب الاقتصادية” واقع هجرة الشركات الأوروبية وكيف هزت الولايات المتحدة استقرارها، ومن شبه القارة الهندية جاء كتاب “بقايا آثار عملية انفصال” الذي تتناول فيه الهندية آنشال مالورتا الذاكرة المادية لمنطقة كشمير التنازع عليها بين الهند والباكستان، وتناولت المجلة مجموعة كبيرة من الكتب الصادرة حديثاً بعروض تعريفية مقتضبة تشكل دليلاً رائعاً نحو الكتاب الجيد.
وفي افتتاحيته أشاد رئيس تحرير المجلة د. محمد مخلوف بالتكنولوجيا الرقيمة “إذا كان التغيّر هو سمة العصر، فلعلّه من الهام القول ان محرّك هذا التغيّر هو: الثورة الرقمية” وما أحدثته من “تكنولوجيات” جسّدت ما كان يُنظر له حتى الأمس القريب ضربا من “عالم العجائب”.. ولعلنا لم نعد بعيدين عن رؤية سيارات تجوب الشوارع ذاتيا بدون سائق. وهذا يعني أن جيل الشباب القادم لن يعود بحاجة إلى رخصة قيادة. هناك مهنة سوف تختفي إذن… وربما أغلبية مهن اليوم.
في حين تناول مدير تحرير المجلة حسين درويش في عموده “أما قبل” كيفية العيش خارج التغطية في ظل الثورة الرقمية ” من بين كل وظائف الهاتف الذكي والتي يدفع المرء ثمناً باهظاً للحصول على أحدثها وهي وظائف وخدمات لا تعد ولا تحصى، وربما لا تحتاجها مطلقاً، لكن عليك الحصول على الخدمة الكاملة ثم تنتقي ما تريد. مثلاً الذين ينتمون للمدرسة القديمة تكفيهم النغمات التي تذكرهم بمواعيد الدواء، بالنكات التي يرسلها الأصدقاء، أو ببعض الصور النقية للأولاد والأحفاد وهم يذهبون إلى المدرسة في يومهم الدراسي الأول. الذين ينتمون إلى المدرسة الحديثة عالمهم مختلف يعيشون من خلاله، فهو أوكسجينهم، ومصلهم المغذي وشريانهم الذي يضخ الحياة في عروقهم.
يذكر أن مجلة “قراءات” التي عاودت الصدور في فبراير الماضي لاقت صدى واسعاً بين القراء والمهتمين داخل الوطن العربي وخارجه، لأنها رصدت جانباً مهماً في الثقافة العالمية عبر طرحها للكتب الجديدة الصادرة بلغات غير العربية، ووضعتها بين أيدي القارئ حاملة له جديد المعارف والعلوم في شتى حقول المعرفة.
وفي مقابل نسختها الورقية أتاحت المجلة للقارئ نسخة الكترونية مجانية في موقعها على شبكة الأنترنيت بصيغتي النص المفتوح، والصفحات PDF لسهولة تصفح المواد ويمكن الوصول إليها عبر الرابط الالكتروني: www.qiraatmagazine.com.