خمسون يوماً، تفصل الإمارات والشارقة عن الاحتفال التاريخي بنيلها لقب العاصمة العالمية للكتاب للعام 2019، اللقب الأرفع ثقافياً من نوعه على مستوى العالم، والذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» منذ العام 2001، لتكون الشارقة بذلك أول مدينة خليجية تنال هذا اللقب، والثالثة في الوطن العربي بعد بيروت والإسكندرية، والتاسعة عشرة على مستوى العالم.
تستعد الشارقة للاحتفال باللقب تحت شعار «افتح كتاباً.. تفتح أذهاناً»، حيث ستشهد الإمارة احتفالات وفعاليات ومبادرات وأنشطة ثقافية وفنية نوعية، تعم جميع مناطقها انطلاقاً من 23 إبريل 2019 وحتى 22 إبريل/نيسان 2020، تشارك فيها جميع هيئات ومؤسسات الإمارة، ومختلف فئات المجتمع من مقيمين وزوّار، بحضور عدد كبير من القامات الإبداعية العربية والعالمية، من كتّاب وشعراء ومسرحيين ومثقفين وإعلاميين، بما يجسّد المحاور الستّة التي وضعتها الشارقة لاحتفالات اللقب، والمتمثلة في: مجتمع واحد، تعزيز ثقافة القراءة، إحياء التراث، تمكين الأطفال والشباب، التوعية المجتمعية، وتطوير صناعة النشر.
وتسعى الشارقة، من خلال محاور الاحتفال إلى تعزيز ثقافة القراءة، وغرس قيم الانتماء للمعرفة والكتاب، وجعل المطالعة أسلوب حياة لجميع فئات المجتمع، لا سيما الأطفال واليافعين، إضافة إلى دعم النشر والناشرين بحزمة من الخيارات الواعدة، إلى جانب تأكيد الاهتمام بإحياء التراث، باعتباره خزانة المعرفة، والثروة الحقيقة للشعوب التي من خلالها سيتم نقل الروايات العربية والإماراتية، وفتح الباب على جمالياتها السردية والمعرفية للأجيال الجديدة، من خلال الفعاليات التي تنظمها على مدار العام.
وأشارت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة اللجنة الاستشارية للشارقة عاصمة عالمية للكتاب 2019، إلى أن اللقب الذي نالته الإمارة يأتي اعترافاً دولياً بالمكانة الثقافية للإمارات على مستوى المنطقة والعالم، وتتويجاً لمنجزات المسيرة الثقافية للشارقة على امتداد الأربعين عاماً الماضية، وتكريماً للرؤية التي أسس لها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تشكل المعرفة محورها وركيزة نجاحها.
وقالت الشيخة بدور القاسمي: «حققت الشارقة حضوراً ثقافياً مميزاً على المستويين المحلي والعالمي، واستطاعت أن تلعب دوراً فاعلاً في مد الجسور بين الثقافات الإنسانية، إيماناً منها بأن التقارب الثقافي يشكل مدخلاً للعلاقات السليمة المبنية على الاحترام والتعاون بين الشعوب».
وأكدت أن العام 2019 سيشكل انطلاقةً للكثير من المبادرات والبرامج التي تعزز مكانة الكتاب والقراءة، لتكون نتائج الاحتفاء باللقب مستدامةً وواسعة التأثير.
وأضافت: «في ال23 من إبريل المقبل سنفتح صفحة جديدة في كتاب التاريخ الذي يسطر إنجازات الشارقة، التي لطالما كانت سبّاقة في جميع الأحداث والمبادرات الثقافية التي تقام على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، سنكون أمام بوابة تفتح على كنوز وثراء فكري ومعرفي وثقافي يشمل جميع فئات المجتمع، ويشترك في صياغته نخبة من المثقفين والمبدعين من كتاب ومؤلفين وناشرين وفنانين، يحضرون جميعهم بكل ما يحملون من إبداعات إلى أرض الشارقة؛ ليطلقوا رسالة إنسانية نبيلة تدل على قيمة الكتاب ودوره الفاعل، باعتباره وسيلة أساسية لتحقيق التقارب الحضاري والمعرفي بين جميع الثقافات حول العالم».
ويأتي اختيار اللجنة الدولية لعواصم الكتاب العالمية في اليونيسكو «الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019»، تقديراً لدورها البارز في دعم الكتاب، وتعزيز ثقافة القراءة، وإرساء المعرفة كخيار في حوار الحضارات الإنسانية، واعترافاً بالجهود الكبيرة التي تقوم بها الإمارة في مجال نشر ثقافة القراءة على المستوى العربي والدولي.
18 عاصمة للكتاب
ذهب لقب العاصمة العالمية للكتاب إلى 18 مدينة عربية وعالمية، بدأت باختيار العاصمة الإسبانية مدريد في 2001، ومنذ ذلك العام، قرر المؤتمر العام لليونيسكو جعل المبادرة سنوية، لتتوالى المدن الحائزة اللقبَ، باختيار الإسكندرية في عام 2002، حيث قرر اتحاد الناشرين الدوليين اختيارها كأول مدينة عربية في إطار احتفال العالم باليوم العالمي للكتاب، وتقديراً لدور مصر الثقافي والحضاري، في مجال الكتاب والنشر، وتلا الإسكندرية العاصمة الهندية نيودلهي في 2003، ثم أنتويرب البلجيكية 2004، ومونتريال الكندية 2005، وتورينو الإيطالية في 2006، وبوغوتا الكولومبية 2007، ثم أمستردام الهولندية 2008، كما حصلت عليها العاصمة اللبنانية بيروت في 2009، وقد احتضنت بيروت في هذا العام، 567 مشروعاً ثقافياً، وأكثر من 1200 نشاط، أظهرت الوجه الثقافي لهذه العاصمة العربية.
تبع بيروت اختيار ليوبليانا السلوفينية في العام 2010، ثم العاصمة الأرجنتينية بيونس أيرس في العام 2011، ثم بريفان الأرمينية في العام 2012، وتلاها في عام 2013 العاصمة التايلندية بانكوك، ثم في عام 2014 حصلت عليها بورت هاركورت النيجيرية، ثم انتشيون الكورية الجنوبية في عام 2015، وفروتسواف البولندية عام 2016، ثم كوناكري الغينية عام 2017، والعاصمة اليونانية أثينا في العام 2018، وتم اختيار أثينا لهذا القب بتوصية من لجنة استشاريّة دولية؛ ذلك أن هذه المدينة تميزت بجودة استثنائية لبرنامج الأنشطة الذي وضعته، ودعمته جميع الجهات الفاعلة في مجال الكتاب.
و«العاصمة العالمية للكتاب» هي مبادرة دولية تتبناها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، من أجل دعم الكتاب وتعزيز ثقافة القراءة، وإرساء المعرفة كخيار في حوار الحضارات الإنسانية، خاصة بعد نجاح مبادرة اليوم العالمي للكتاب الذي بدأ في 1996. ولضمان هذا الاختيار، دعت اليونيسكو كلاًّ من الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات، والرابطة الدولية للناشرين، للمشاركة في عملية اختيار المدينة الفائزة.
وتختار المنظمة منذ انطلاقها العاصمة العالمية للكتاب، استناداً إلى معايير محددة، حيث يمنح اللقب للمدينة التي تقدم أفضل برنامج على مدار عام بأكمله؛ بهدف تعزيز ثقافة القراءة والكتب.
جريدة الخليج