أكدت الأديبة هدى بركات، الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن روايتها “هند أو أجمل امرأة في العالم”، أن للجائزة أبعاداً عالمية لم تكن تتوقعها، مشيرة إلى أن العمل على الرواية استغرق منها خمس سنوات.
وفي حوار مع موقع 24، قالت بركات: “القارئ يقرأ ما يريده، وغالباً ما يشعر بالنص كما لو أنه ينظر إلى مرآة. كل رواية مغامرة تبدأ من الجملة الأولى، وربما لهذا السبب أنا قليلة الإنتاج. وكل ترجمة للرواية إلى لغة جديدة هي ولادة ثانية، تدخل بها الرواية عالماً آخر وتصنع لها مكاناً جديداً. وبالنسبة لي، لا أنصت إلى أي نظرية أو رأي أو حتى نصيحة حين أكتب الرواية”.
كان لموقع 24 هذا الحوار مع الكاتبة:
ماذا يمثل لك الفوز في جائزة الشيخ زايد للكتاب؟
الحقيقة أني ورغم كل ما كنت أعرفه عن أهميّة جائزة الشيخ زايد للكتاب لأي كاتب عربي، إلا أني أكتشف الآن بعد فوزي ما للجائزة من أبعاد عالميّة مهمّة، إذ تدعم الجائزة اللغة العربيّة بشكل فعّال عبر مساهمتها في تكلفة الترجمات إلى لغات العالم، أنا سعيدة طبعاً ومعتزّة بهذه الجائزة.
كيف انبثقت فكرة رواية “هند أو أجمل امرأة في العالم” وكم استغرقت من الوقت لإنجازها؟
أنا عموماً بطيئة في إنجاز نصوصي، وحريصة جداً في موضوع النشر، إلى جانب الوقت الذي تأخذه الاهتمامات اليوميّة والعمل إلخ لذا كغيرها تطلّبت مني “هند أو أجمل رواية في العالم” حوالي 5 سنوات، أمّا فكرتها فهي تشكّلت أبّان الكتابة، وككل رواياتي لم يكن هناك خطة مسبقة، أو فكرة واضحة أريد إيصالها، ربما كان هناك شعور بالمرارة وفقد البلاد الأصلية، والإذعان للإحساس بالغربة الطويلة، ومن زاوية ما، رؤية بيروت والكثير من المدن العربيّة تفقد جمالاتها المتعددة ويتفتّت فيها عالم ذاهب إلى ضياع مؤلم.
اعتبر بعض النقاد أن هذه الرواية تمثل رثاء مؤلما للبنان وكأن الوطن يتحدث عن نفسه ويعلن احتضاره من خلال شخصية البطلة هنادي وحالتها الجسدية والنفسية المتدهورة، ما تعليقك على ذلك؟
القارئ يقرأ ما يريد وبالعادة هو “يشعر” بالنص كأنّه أمام مرآة، هكذا ومن مسافة بعيدة كما هو الحال معي يصل الكاتب إلى قارئه بأجمل الطرق، وهذه الرواية تواصل طريقها إلى أبعد مما كنت أتوقّع، “هند” تشكو وتئن ممّا نخاف منه جميعنا، وفي عزلتها غير الاختيارية تشكّك في كل ما حولها من يقينيات دفعنا ثمنها غالياً، إنها سيرتها في القلق الذي يلف مصائرنا وتيهنا.
استخدمت أسلوب تقنية الاسترجاع الزمني في هذه الرواية، وأنت تتحدثين عن ماضي البطلة وتجاربها، كيف تحدد هدى بركات الأسلوب الذي تستخدمه في رواياتها؟
الحقيقة أنّي لا أعتمد “تقنيّة” واحدة، فلكل رواية كتبتها تقنياتها، وكل رواية مغامرة منذ السطر الأوّل أو حتى الجملة الأولى، لهذا ربّما أنا مقلّة.
هناك آراء تدعو لكتابة الرواية بلغة واقعية بعيدة عن الشعرية، ما رأيك بذلك، علماً أنك استخدمت في هذه الرواية لغة شعرية تأملية؟
صراحة أنا لا أنصت إلى أيّة نظرية، أو رأي أو حتى “نصيحة” في لغة الرواية، كما أتمنّى أن أكون بعيدة عن التأثّر بالطرق النموذجيّة للكتابة السردية، النص يسبق النظرية بكل حال، وإلاّ فلن يكون مؤثّراً أو مجدّداً، التسميات أو التصنيفات قد تفيد بعض القراء وتعطيهم “مجسّات” لولوج النصّ، لكنها تأتي بعد الكتابة، وهي لا تفيد الكاتب، على ما أظن.
تُرجم عدد من أعمالك إلى لغات أخرى، كيف وجدت تفاعل القرّاء غير العرب مع نتاجك الأدبي؟
كل لغة يترجم إليها الكتاب هي ولادة جديدة، يدخل النص بها إلى عالم مختلف ويخلق مكانه، وهي دائماً مفاجأة كيف أن شعوباً أخرى بتاريخ وثقافة مختلفين قد تتشارك في التواصل الإنساني، وكيف يتعرّف إليك ذلك الآخر البعيد، وأحياناً بخلاف ما يقدّمه عنّا كتّاب السياسة وأرباب “الميديا”، أمّا إذا كنت تكتبين باللغة العربيّة فسيكون الإنجاز مضاعفاً والفرحة بالتلقّي أكثر من مبهجة، وأنا الحمدلله محظوظة جداً في هذا المجال.
ما مشروعك الأدبي القادم؟
عفواً، ما زال من المبكر جداً الكلام عن مشروع جديد، أنا أكتب دائماً “في رأسي”، وأنصت إلى أصوات تأتي إليّ، ربّما هي هواجسي وهواجس الناس الذين يشبهونني، وذلك سيأخذ وقتاً لا أستطيع استشرافه ولا حتى التحكّم فيه، فأنا كأنّي بانتظار شخصياتي فهي التي تقرّر وأنا دوماً “على السمع”.
24.ae