سلطان للجميع

علي عبيد الهاملي

في أواخر شهر نوفمبر من سنة 2023 اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) سنة 2025 للاحتفال بالذكرى المئة لمولد الشاعر الإماراتي سلطان بن علي العويس، المولود في سنة 1925 ميلادية.

القرار جاء بعد الاطلاع على الملف الذي طرحته اللجنة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة للتربية والثقافة والعلوم في الدورة 42 للمؤتمر العام لمنظمة يونيسكو.

مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية كانت قد أعدت ملفاً ضخماً عن الشاعر الراحل لتقديمه إلى المنظمة، ولم تألُ اللجنة الوطنية جهداً في دعم الملف والوقوف مع هذه المبادرة التي أتت أُكلها باعتماد سنة 2025 عاماً للاحتفال بمئوية الشاعر سلطان بن علي العويس.

في منتصف شهر ديسمبر من سنة 2024 أعلنت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية برنامج احتفالها بهذه المناسبة، وتضمن البرنامج رفع قيمة «جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية» إلى 150 ألف دولار لكل حقل من الحقول، ليصبح مجموع الجوائز 750 ألف دولار أمريكي موزعة على الشعر، والقصة والرواية والمسرحية، والدراسات الأدبية والنقد.

والدراسات الإنسانية والمستقبلية، وجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي. كما تضمّن البرنامج الكثير من الفعاليات الفكرية والفنية والموسيقية والسينمائية والإصدارات، وغيرها من الأنشطة المتميزة التي ستتوزع على مدى عام كامل.

بتاريخ 23 يناير من سنة 2025 استهلت المؤسسة فعاليات مئوية العويس بحفلٍ أوركستراليٍ كبيرٍ، حضره أكثر من 1800 متفرج، وقدّمته الفرقة السمفونية التراثية التي ضمت أكثر من 60 عازفاً ومغنياً بقيادة المايسترو اليمني محمد القحوم في «أوبرا دبي».

وتُعِدّ المؤسسة لندوة دولية عن سلطان العويس وأدبه، ستقام بالتعاون مع منظمة (يونيسكو) في باريس، ويشارك فيها باحثون من مناطق مختلفة في أنحاء العالم ممن لهم صلة معرفية بسلطان العويس، سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد الثقافي والأدبي، كالنقاد والأصدقاء المقربين من الشاعر الراحل، والدارسين المهتمين بشعر سلطان العويس.

وبتاريخ 3 فبراير من سنة 2025 نظمت ندوة الثقافة والعلوم بدبي ندوة بعنوان (سلطان بن علي العويس ودوره في المجتمع – الحياة العامة – العمل الثقافي – الاقتصاد).

وشارك في الندوة معالي أحمد الطاير ومعالي محمد المر ومعالي سعيد الرقباني، وأدارها رئيس مجلس إدارة الندوة بلال البدور، وشهدت حضوراً كبيراً من قبل الجمهور الذي جاء للاحتفال بمئوية الشاعر سلطان العويس، وفي الخطة ندوتان؛ أولاهما عن جائزة العويس للإبداع، والثانية عن جماليات شعر سلطان العويس، يصاحبها معرض لمختارات من شعره.

احتفال مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بمئوية سلطان العويس يأتي انطلاقاً من كون الشاعر الراحل مؤسسها، حينما قرر في سنة 1987 إنشاء جائزة تحمل اسمه، تكون لها استقلالية لتكريم الأدباء والمفكرين العرب.

وتشكلت للجائزة أمانة عامة بإشراف اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، قبل أن تتحول الجائزة في سنة 1992 إلى مؤسسة ثقافية مستقلة تحت اسم «مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية» بموجب المرسوم الأميري رقم 4 لسنة 1994 الصادر عن المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، بصفته حاكماً لإمارة دبي وقتها.

واحتفال ندوة الثقافة والعلوم في دبي بمئوية العويس يأتي انطلاقاً من كون الشاعر الراحل واحداً من أكبر داعمي الندوة مادياً ومعنوياً.

ولهذا قامت الندوة في سنة 1990 بتأسيس «جائزة العويس للإبداع» بهدف تشجيع الباحثين والدارسين الإماراتيين على توجيه بحوثهم وجهودهم الإبداعية إلى ما يخدم قضايا التنمية من خلال الدراسة والتحليل والاستشراف.

وإبراز المواهب المتعددة في البحث والابتكار العلمي والفكري والأدبي والفني، والاستفادة من الباحثين غير المواطنين لإعداد دراسات وبحوث عن دولة الإمارات.

فيما عدا هاتين الجهتين، وأرجو أن تكون معلوماتي خطأ، فإنني لم أقرأ أو أسمع عن جهة أخرى احتفلت حتى الآن بمئوية العويس، أو أعلنت خطة للاحتفال بهذه المناسبة.

لهذا أقول إن سلطان ليس ملكاً لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية وحدها، وندوة الثقافة والعلوم ليست هي الجهة الوحيدة التي دعمها سلطان بن علي العويس وشجعها، فالجميع يعرف مساهمات سلطان الثقافية والمجتمعية والاقتصادية، وهي مساهمات كبيرة تحدث عن بعضها المشاركون في فعالية ندوة الثقافة والعلوم التي أشرت إليها، فأين هي مساهمات الجهات الأخرى في الاحتفال بمئوية العويس؟

سلطان بن علي العويس للجميع، وعلى الجميع أن يبادروا إلى الاحتفال بهذه القامة الإماراتية الكبيرة التي اعتمدت يونيسكو سنة 2025 للاحتفال بالذكرى المئة لمولدها.
جريدة البيان