المكتبات العامة في العصر الرقمي.. تحديات وفرص

ابراهيم-الهاشمي

في عصر التكنولوجيا والمعلومات الرقمية المتسارع، تبرز أهمية وضرورة وجود المكتبات العامة ودورها كركيزة أساسية في بناء المجتمعات المتعلمة والمثقفة، وبناء الجسور بين الأفراد والمجتمعات، بشرط أن تتطور وتشكل فضاءات للتعلم التفاعلي، والإبداع، لتواكب التغيرات التكنولوجية واحتياجات الأجيال الجديدة.

إنَّ قوة المكتبات العامة تكمن في قدرتها على التكيف مع تغيرات الزمن وتحويل نفسها إلى مراكز جذب للأجيال الجديدة، الأمر الذي يقودنا نحو تبني استراتيجيات مبتكرة تتناسب مع احتياجات الشباب واهتماماتهم، من خلال توفير تقنيات حديثة مثل الواقع الافتراضي والطابعات ثلاثية الأبعاد، وتقديم ورش عمل تفاعلية تغطي موضوعات متعددة، مثل التكنولوجيا والفنون والابتكار، إضافة إلى تعزيز الجانب الاجتماعي والثقافي عبر تنظيم فعاليات شبابية ومجتمعية، لتكون مكاناً ملهماً للتعلم والتواصل، وبيئة تجمع بين الترفيه والتعلم والإبداع.

وانطلاقاً من هذا، وفي ظل رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تأسست مكتبة محمد بن راشد، لتعزيز استراتيجية دولة الإمارات الشاملة في القطاع الثقافي والمعرفي، والإسهام في تعزيز وإثراء المشهد الفكري والإبداعي في العالم العربي، ولتكون «صرحاً معرفياً» يلتقي فيه الباحثون ويبدع فيه الشباب وتُصاغ فيه المعرفة.

واليوم، تشكل مكتبة محمد بن راشد في دبي نموذجاً متميزاً للجيل القادم من المكتبات العامة، حيث تعتمد أحدث تقنيات المكتبات العالمية والذكاء الاصطناعي، لخدمة الزوّار والقرّاء، إضافة إلى استخدام تقنيات الواقع المعزز، والواقع الافتراضي، مع تقديمها برنامجاً متكاملاً وثرياً من الفعاليات والأنشطة على مدار العام، والتي تلبي متطلبات جميع أفراد المجتمع، وتتيح الفرصة للتعلم والتواصل بطرق مبتكرة وإبداعية غير تقليدية.

وعلى المستوى العالمي، تعتزم مكتبة محمد بن راشد تنظيم الدورة الأولى من مؤتمر دبي الدولي للمكتبات 2024، الحدث الأبرز في أجندتها وعلى مستوى المؤتمرات والفعاليات الدولية في قطاع المكتبات العامة العالمي، تحت شعار «مكتباتنا الماضي والحاضر والمستقبل»، الذي يشكل منصة رائدة لتسليط الضوء على حفظ وترميم الأرشيف، والجديد في أنظمة وبرامج المكتبات، والملكية الفكرية، وقوانين حقوق الطبع والنشر، والذكاء الاصطناعي، والمكتبات المستدامة، ودور العمل الخيري في ضمان الوصول إلى الكتب، وأهمية المكتبات ودورها في تحقيق تبادل المعرفة ضمن إطار عالمي، إلى جانب إبراز كفاءة المكتبات في الجانب التقني.