سلاماً العراق

ابراهيم-الهاشمي

تشرفت بأن أكون ضيفاً على «معرض بغداد الدولي للكتاب» في دورته الخامسة والعشرين، وأقيم من 12 إلى 22 سبتمبر، بدعوة كريمة من إدارة المعرض؛ هذا المعرض الذي شاركت فيه الكثير من دور النشر العربية المعروفة وزخر بالكثير من الأنشطة والفعاليات الثقافية المميزة. وكانت الإمارات حاضرة بمشاركة الإخوة والأخوات الشعراء: كريم معتوق، وطلال الجنيبي، ومحمد البريكي ونجاة الظاهري، في فعاليات المعرض. لم أزر العراق أو بغداد بشكل خاص منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، مرّ العراق خلالها بكثير من الحروب والمنغّصات والمشكلات السياسية والاقتصادية التي استنزفت مقدراته ومقدرات شعبه العظيم.

في هذه الزيارة، اكتشفت مدى حبّ العراقي الأصيل لأرضه ووطنه، وحرصه على سلامته ووحدته، ورغبته الشديدة المخلصة في استعادة العراق الذي نعرفه ونحبه ونهواه؛ ليس الذي يقرأ فقط، بل الذي يكتب، ويطبع ويقرأ، وينتج، ويعمر، ويبتكر، ويصنع الحضارة.

من يرى كيف أضحى شارع المتنبي وزقاق السراي، بعد تأهيلهما، وترميم المباني بهما، باحتراف دقيق أعاد إليهما الألق وزاد زخم الحضور الشعبي فيهما، بعد أن تنوعت مصادر الحضور الاجتماعي، والجاذبية المكانية بشكل لافت، حبّبت الناس في المكان بشكل كبير، وجعلته قبلة للزوار والمقيمين. ومن يتابع إصدارات دار الشؤون الثقافية العامة بوزارة الثقافة العراقية، يعرف مدى ما يمكن أن يفعله المثقف العراقي، لأجل الثقافة والمثقفين، ومن قبل ذلك لوطنه.
الجميل في هذه الزيارة السريعة، أنك تشعر بالاطمئنان وأنت تتجول بين مناطق بغداد ومدن العراق المختلفة، تتجول في أمن وأمان، مستمتعاً بالترحاب والضيافة العراقية الأصيلة، تخرج نهاراً أو ليلاً، لتستمتع بالأجواء والمأكولات العراقية، تتذوق مفردات اللغة العذبة وهي تطرق أذنيك، كأنها طبق من الحلويات النادرة التي لا تصنع إلّا في العراق، تتبعها بكوب من الشاي لا يعرف فنية إعداده إلّا العراقيون.
حينما تزور العراق تبقى مشغوفاً به، محباً له ولأهله وناسه، وتتمنّى أن تعاود زيارته مرات ومرات.
كم من الحضارات صنع هذا العراق! وكم من الغزوات النكبات والاحتلالات تعرض لها! لكنه يبقى الشامخ الأبيّ الجميل بكل مكوناته، الذي يعود بإرادة شعبه الأصيل دائماً أقوى وأزهى.
كل الشكر لمن كنت أعرفهم قبل هذه الزيارة، وتعرفت إليهم فيها.. شكراً لصديقي البهيّ الدكتور الشاعر عارف الساعدي، وأحمد الراضي، والشاعر الباحث مضر الآلوسي، والشاعر قاسم سعودي، وعبد الرزاق، الذين غمرونا بمحبتهم، وغيرهم ممن حضرت شخوصهم في القلب، وغابت أسماؤهم عن البال.
للعراق دعوة من القلب أن يبقى نابضاً مشعّاً بالعطاء والإبداع والسلام والأمن والأمان، صانعاً للحضارة كما هو دائماً.
شكراً للعراق كله.