حبيب الصايغ.. قصيدة لن تغيب

حبيب الصايغ

صادف يوم أمس، الثلاثاء، 20 آب/أغسطس ذكرى مرور خمس سنوات على رحيل الشاعر والإعلامي الإماراتي الكبير حبيب الصايغ، ويعتبر من رواد القصيدة الإماراتية، وأحد أبرز وجوه الحداثة في الخليج العربي.

والصايغ، فضلاً عن كونه شاعراً كبيراً ومجدداً، فقد كان مثالاً للتواضع والشفافية، وقد انطبعت شخصيته في كل من عاشره من المبدعين والزملاء بكثير من المثالية والصدق، وهي من صفات الشاعر المبدع.

منذ وفاته، درجت الأوساط الثقافية والرموز السياسية الإماراتية والعربية، على استذكار الصايغ في مناسبات كثيرة، بوصفه شاعراً، صاحب قصيدة لن تغيب، ومثقفاً كبيراً، ورجلاً وطنياً، كانت له مواقف مشهودة في الساحة الثقافية العربية، وقد كان الفقيد بحق ثاقب الفكر ومثقفاً موسوعياً، احتلّ مكانة شعرية وأدبية وإنسانية، ويكاد يتفق الجميع على أن منجزه الشعري قد شكّل علامة فارقة في المشهد المحلي والعربي، كما كان صاحب رؤية إبداعية في كل ما كتب من مقالات صحفية وإبداعية، وبكل تأكيد من خلال رصيد إبداعي تجاوز نحو 15 ديواناً شعرياً.
مسارات
رسم حبيب الصايغ مسارات شعرية متجددة على صعيدي الشكل والمضمون، وعلى مستوى المفردة والتعبيرات الشعرية والسياقات الزمنية سواء الاجتماعية أو التاريخية، فقد دخل مبكراً معترك الشعر في سبعينيات القرن الماضي، حين كتب عن الإمارات والوطن والمرأة، وقد شكّل ديوانه الأول مطلع ثمانينيات القرن الفائت وهو بعنوان «هنا بار بني عبس» علامة فاصلة في الشعر المحلي والخليجي، حين صنف واحداً من أوائل أصوات الحداثة الشعرية، وأتبعه خلال تلك الفترة بمجموعة من الإصدارات مثل: «التصريح الأخير للناطق باسم نفسه»، و«قصائد إلى بيروت»، و«ميارى»، و«الملامح»، ثم فترة التسعينيات ب «قصائد على بحر البحر»، و«غد»، و«وردة الكهولة»، مروراً ب«رسم بياني لأسراب الزرافات» في 2011، و«كسر في الوزن» 2011، و«الأعمال الشعرية الكاملة في جزأين في 2021.
الثمانينيات بحسب نقاد الشعر العربي، كانت الفترة، التي سجل فيها الصايغ حضوراً لافتاً، فكانت قصيدته كما كتب عنه: «ذات طعم وخصوصية، لا تشبه غيرها من القصائد»، مثل هذا التحدي، يعدّ من الميزات التي تطبع تجربة الصايغ بشيء مختلف، وتجعل لكل ديوان جديد يصدره تأكيداً على ريادته في هذا المجال، وأنه ينطلق من قناعة راسخة بأن درب الشعر ليس مفروشاً بالورود، وهو أمر صعب يحتاج إلى مراس وثقافة وتجربة معايشة على مشارف الحياة التي تستحق أن تختبر برغم ما فيها من قلق ورتابة.
وإذا كنا نستذكر هنا، وفاة الشاعر حبيب الصايع، فإننا نستذكر أيضاً رحيل ولده سعود الذي توفي في 30 يوليو/ تموز الماضي، وهي واحدة أخرى -ربما- من نبوءات، أو استشرافات حبيب الصايع، الذي كتب عن الموت برؤية فلسفية وجمالية متقدمة، وهنا نستذكر قصيدته «أسمي الردى ولدي»، التي صدرت في ديوان عن مؤسسة الانتشار في 2012، ومن خلالها كتب الصايغ بلغة رشيقة عن ثنائية الموت والحياة، وإذا كان عنوان الديوان – القصيدة صادماً بالنسبة لكثيرين، فإن فيها كما كتب الناقد والشاعر العراقي ذياب شاهين احتفاء غير عادي بالموت، والشاعر يدعوه «ولدي»، وكأنه فرح به، والموت حين يلتقي الشاعر بالرغم من كونه ينهي حياته، إلا أنه في هذا اللقاء يمثل ولادة له، أي للموت، والشاعر هنا، يرى الموت ولداً له، أي بمثابة لحظة بعث للشاعر وليست عدماً…».
شغل الصايغ في حياته منصب الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، وقد حصل على جوائز كثيرة كما اختير شخصية العام الثقافية في الدورة الحادية والثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب في 2012، وحصل في 2004 على جائزة تريم عمران (فئة رواد الصحافة)، وفي 2007 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، كما فاز بجائزة العويس الثقافية في حقل الشعر، وكانت المرة الأولى التي تمنح فيها هذه الجائزة لشاعر إماراتي.

جريدة الخليج