«أنا قارئة قبل أن أكون كاتبة»، هكذا تحدثت الروائية فتحية النمر، عن أهمية الاطّلاع، وضرورته بالنسبة إلى الإنسان، سواء كان كاتباً أو غير ذلك، فهي تقبل على عملية الاطلاع بشكل مكثف منذ الصغر، وفي كل فترة زمنية، أو عمرية، فإن القراءة تكون موجّهة في اتجاه نمط، أو نوع معين، موضحة أنها كانت في السابق تقرأ كل ما يقع في يدها من معارف، ثم صارت تقرأ في الفكر أكثر، بحكم أنها مدرسة لمادة الفلسفة، وكذلك الاطلاع في مجال التربية نسبة للتخصص.
وذكرت فتحية النمر، أن موسم الصيف هو فرصة جيدة بالنسبة للناس من أجل أن ينصرفوا نحو الاطّلاع المتعمق، وتخصيص جزء من وقتهم لخلق علاقة مع الكتب، فالمعرفة تحصّن العقل، وتحفظ الذاكرة في هذا الزمن الذي صار فيه الإنسان عرضة لأمراض مثل الزهايمر، وغيره من معضلات بسبب نمط الحياة الذي يعيشه؛ لذلك تعتبر القراءة فرصة جيدة لتمرين الدماغ، وإنعاش الذاكرة، وفي الصيف يصبح ذلك الأمر أكثر إمكانية، بخاصة للذين لهم علاقة ضعيفة بالقراءة، بسبب شحّ الوقت، والانصراف وراء مشاغل الحياة، والعيش، فالصيف يحرّض على الاطلاع، المركّز والمتعمّق، وكذلك التأمل والتفكير في ما تمت قراءته من أعمال، سواء أدبية، أو فكرية، أو في شتى ضروب المعارف، كما أنه فرصة كذلك لإعادة قراءة بعض المؤلفات التي مضى وقت طويل على قراءتها.
وقالت فتحية النمر: «قراءة الأدب هو المتعة الكبيرة بالنسبة لي، واقبل عليها بكل شغف، خاصة المؤلفات الروائية، إلى جانب الأنواع الإبداعية الأدبية الأخرى»، مشيرة إلى أن مكتبتها تضم عدداً كبيراً من المؤلفات في معارف متنوعة تصل إلى قرابة ال2000 كتاب؛ لذلك هي تقبل على الاطلاع بشكل يومي في كل فصول السنة، فهنالك دائماً ساعات معيّنة للقراءة، وأخرى للكتابة خلال اليوم، فهي تؤمن بأهمية تنويع القراءات، وعدم الوقوف عند حقل إبداعي واحد، فهذه كلها مصادر للمعرفة تثري الكاتب، وتعينه على تقديم الأجمل والأفضل، والمغاير.
وفي جعبة فتحية النمر العديد من المؤلفات التي تعتزم قراءتها خلال هذا الصيف، فهنالك ثلاثة أعمال روائية للكاتب الفرنسي جان إشنوز، العمل الأول هو رواية «بروق»، وتتحدث عن سيرة مهندس الكهرباء والمخترع الصربيّ الأمريكيّ نيكولا تسْلا، وقد كتبت هذه الرواية بلغة سردية ساحرة، وتتناول حياة هذا المخترع الذي يقدم الكثير من العطاء، ويصطدم ببخل الرأسمالية، حيث تتم سرقة براءة اختراعه، وينتهي به الحال إلى الارتماء في أحضان العزلة.
أما الرواية الثانية فهي بعنوان «رافيل»، وهي تتحدث عن قصة حياة المؤلّف الموسيقي الفرنسي موريس رافيل، الذي اشتهر بألحانه، حيث دخلت الكثير من أعماله الخاصة مثل البيانو، وموسيقى الحجرة، والموسيقى الغنائية والأوركسترا، ضمن مراجع الموسيقى.
الرواية الثالثة بعنوان «عدو»، وهي تتناول سيرة العدّاء التشيكيّ إميل زاتوبيك، ولفتت النمر إلى أن ما يجمع بين هذه الأعمال السردية الثلاثة، أنها تتحدث عن سير ثلاثة شخصيات مؤثرة في العصر الحديث، وتنصح القراء بالإقبال على هذه الثلاثية السردية المهمة، لكونها تتحدث عن مواقف وعوالم متباينة، وتحمل بين طياتها الحكمة.
زخم
وفي جعبة فتحية النمر كذلك مجموعة من المؤلفات الأخرى مثل: كتاب «موسوعة الأساطير العالمية»، للكاتب حنا عبود، وهو سفر ضخم يلقي الضوء على ما يزيد على خمسة الاف أسطورة من الأساطير اليونانية، والهندية، والمصرية، والأوغاريتية، والسومرية، والأكادية، والآشورية، والبابلية والرومانية، والاسكندنافية، والجرمانية، والسلافية، والصينية، واليابانية.. إلخ.
كما تقرأ فتحية النمر رواية «كافكا على الشاطئ»، للكاتب الياباني هاروكي موراكامي، وهي من الأعمال السردية الممتعة والساحرة، فهي تصنع عوالم مخالفة تحتشد بالغرائبيات، والأفكار الجريئة، والصور الفنية البلاغية، حيث تدور أحداث الرواية في فلك فلسفي واسع؛ حيث يبحث الإنسان عن الوجود.
وتشير فتحية النمر إلى أنها تعمل كذلك على قراءة كوميديا دانتي خاصة أجزاء «الفردوس»، و«الجحيم»، وعدد من المؤلفات الأخرى، مؤكدة أهمية أن يقبل القراء على الاطلاع على الأدب والفلسفة، معاً.
وأوضحت أن هذا العصر يشهد إقبالاً كبيراً على المعرفة والقراءة، ربما بطريقة لا يلحظها الكثيرون، نسبة لأن أساليب الاطلاع نفسها قد تغيرت، حيث صار جيل اليوم يمارس فعل القراءة عبر الأدوات التكنولوجية الحديثة، مثل الحاسوب، والمحمول، وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
طقوس
وذكرت فتحية النمر أن لديها طقوساً تتبعها في القراءة، فهي تبدأ يومها في الصباح الباكر بقراءة الصحف، بصورة يومية، مع فنجان القهوة، ثم قراءة المؤلفات، وعند العصر تبدأ بالكتابة، بينما يكون المساء مخصصاً لقراءة المؤلفات الأكثر تخصصية.