عام مضى وعام آخر ستحتفل الإمارات بحلوله قريباً وهي ترفل في حلة من السعادة والتفاؤل الذي يضيء طريقها رغم كل الظروف الإقليمية والدولية. قيم السعادة والتفاؤل والإنجاز التي عرفها كل من يقيم على أرض الدولة جسدها احتفاء الإمارات هذا العام بالإنسان الإماراتي بوصفه أهم انجاز يفخر به زايد. فما حققه الإنسان الإماراتي يذهل الكثير من المراقبين والقادمين الجدد إلى دولتنا.
وتبدأ الأسئلة تطرح نفسها: كيف تحققت كل هذه الانجازات وفي فترة زمنية قياسية في عمر الشعوب والدول؟ كيف قفزت هذه المنطقة من مجتمع القبيلة إلى مجتمع الدولة العصرية التي ترسم كل يوم على خارطة العالم نقاطاً مضيئة ؟ وربما السؤال الأكثر إلحاحاً هو: ما الثمن الذي دفعه الإنسان الإماراتي لاجتياز هذه المرحلة من تطور المجتمع وهل ما حققه الإماراتي من تطور هو ثمرة من ثمرات النفط أم أن النفط كان مجرد عامل مساعد لا أكثر؟
لا شك بأن دولة الإمارات تفخر بأنها أضافت لسجلها التنموي حتى عام زايد (2018) إنجازات جديدة تفخر بها الدولة ويفخر بها الإنسان الإماراتي الذي كرمته الدولة في قمتها الحكومية الأخيرة بوصفه أهم انجاز حققته الدولة.
فبناء الإنسان هو أهم ما تفخر به الدول حيث إن بناء البشر أصعب من بناء الحجر وأن التنمية البشرية هي أصعب من التنمية المادية. ويمكن أن يكون اهم ما يفخر به الإنسان الإماراتي ليس فقط صنعه لمعجزة فوق الرمال بل الجانب القيمي الذي توارثه الإماراتي أباً عن جد والذي استطاع أن يحافظ عليه ويورثه لأبنائه.
انجازات الإنسان الإماراتي كثيرة ومتعددة في كافة المجالات. ففي خلال نصف قرن نجحت الإمارات في تحقيق معدلات عالية في مجال التنمية البشرية. فبفضل القرارات والمبادرات الحكومية نجحت الحكومة الاتحادية في تحقيق معدلات عالية في مجال تنمية الإنسان حتى وصل إلى الفضاء. ولا شك بأن التوطين هو العمود الفقري للتنمية البشرية.
فبدءاً من توطين الوظائف القيادية والعليا إلى الوظائف التقنية والمتوسطة وحتى بعض الصغيرة منها نجحت الإمارات في مجال الإحلال التدريجي لتضيف إلى سجلها التنموي نقاطاً مضيئة يفخر بها الإنسان الإماراتي.
وربما ما يثير الدهشة هو نجاح الإمارات في تمكين المرأة التي أصبحت عنصراً فاعلاً في المجتمع ووصلت إلى مراكز قيادية تفخر بها المرأة العربية عموماً.
البعض يزعم بأن وراء هذا البريق والألق الذي يحيط بالإمارات هو الثروة النفطية التي وفرت للدولة الموارد اللازمة للإنفاق على التنمية بأبعادها المختلفة. جانباً من هذا الكلام صحيح ولكن النفط لم يكن إلا عاملاً مساعداً للإنسان الإماراتي.
فخلف ثروة النفط تقف تلك العقلية الإماراتية الفذة التي استطاعت أن توظف تلك الثروة لتجعل منها ثروة لا تنضب، بل وتجعل منها ثروة ليست فقط لخدمة الإنسان الإماراتي بل وخدمة وخير البشرية جمعاء.
فقد استطاعت الإمارات أن تضمن استمرارية الثروة عن طريق توظيفها في التنمية البشرية وهي ثروة الإمارات التي لا تنضب. فالإنسان الإماراتي وهو يحتفل باليوم الوطني إنما يحتفل بتلك العلاقة الوطيدة التي ربطته بأرضه وقيادته. وبادلته القيادة ذلك الشعور في صورة مبادرات جعلته الأسعد على مستوى شعوب العالم.
روح السعادة والإيجابية التي تطفو على السطح أينما حلت في أرض الإمارات لا يمكن أن نجد لها مثيلاً في معظم دول العالم. فإحساس المواطن والمقيم على حد سواء بأن الإمارات وطن للجميع جعلت من الدولة ليست فقط مكاناً يوفر كل مقتضيات الرفاهية ولكنه أيضا يوفر مقتضيات الأمن والأمان للآخرين.
شعور الأمان والراحة هذا لم يأت من فراغ بل أتى أولاً من خلال القيم التي يحملها الإنسان الإماراتي في صميم ثقافته المجتمعية، وثانياً من خلال التشريعات والقوانين الحكومية التي تحث الجميع على التسامح والتعايش السلمي وتجرم الكراهية والعنصرية.
إن احتفاء أوائل الإمارات هذا العام بالإنسان الإماراتي إنما هو احتفاء بقيم زايد وكل ما عمل زايد على زرعه في النفوس. فأفضل من يجسد إرث زايد المجتمعي والإنساني هو الإنسان الإماراتي الذي أصبح اليوم بفضل المبادرات الحكومية أهم ما تفخر به دولة الإمارات.
لقد استطاع زايد أن يغرس في إنسان هذه المنطقة كل القيم النبيلة التي باتت واضحة حتى في السياسة الخارجية لدولة الإمارات. فعندما تقف الإمارات في مصاف الدول المانحة فهذا يجسد قيم زايد، وما تربى عليه الإنسان الإماراتي.
جريدة البيان