لم تكن علاقات كوكب الشرق أم كلثوم (1898 ــ 1975) مع الأسرة الملكية المصرية، وخصوصاً مع الملكة نازلي (1894 ــ 1978)، زوجة الملك فؤاد وأم الملك فاروق، ودية، إذ شابتها خلافات وتوترات كثيرة لم يعرف الجمهور تفاصيلها وخلفياتها.
وفي حفل الزفاف المخصص بقصر عابدين، أرادت أم كلثوم أن تترجم امتعاضها مما فرض عليها، فلبست فستاناً من الدانتيل الأسود من تصميم خياطة الطبقات العليا «مدام ريتا»، الأمر الذي أثار نازلي وتسبب في غضبها وطلبها من أم كلثوم أن تغير فستانها.
تقول الدكتورة رتيبة الحفني في كتابها «أم كلثوم: معجزة الغناء العربي»، إن أم كلثوم المعروفة بعنادها لم ترضخ، لكنها فكرت في حل عبقري يخرجها من تلك الورطة، فاهتدت إلى تغيير بطانة فستانها من اللون الأسود إلى اللون الوردي (البمبي)، «فكانت تلك أول مرة يبطن فستان أسود بلون فاتح، بل الأدهى من ذلك أن ذلك الفستان تحول إلى موضة نسائية وقتذاك، أطلقت عليه الخياطة مدام ريتا اسم «موضة ثومة».
أراد القصر الملكي بعد ذلك أن يكافئ أم كلثوم على إحيائها للزفاف الملكي وعلى انصياعها للرغبات الملكية، فصدر بعد عدة أعوام قرار من الملك فاروق بمنحها «نيشان الكمال»، الذي لم يكن يمنح إلا للأميرات من الأسرة العلوية الحاكمة وزوجات رؤساء وزراء مصر، وكان يسدل على متلقيته لقب «صاحبة العصمة». وقد انتهز الملك مناسبة إحياء أم كلثوم لحفلة غنائية في النادي الأهلي بالجزيرة عام 1944، فقام بحضورها فجأة والجلوس مستمعاً للست وهي تؤدي أغنية «هلت ليالي القمر» (من ألحان السنباطي وكلمات أحمد رامي)، وحينما انتهت الأغنية نادى الملك على الكاتب الصحفي المعروف مصطفى أمين، الذي كان ضمن الحاضرين، وطلب منه الصعود على المسرح وإعلان نبأ حصول أم كلثوم على «نيشان الكمال».
وعلى إثر انتشار الخبر، قادت أميرات القصر وبعض عقيلات رؤساء الحكومات المصرية حملة شعواء ضد فكرة مساواة أم كلثوم بهن من خلال منحها «نيشان الكمال» الملكي، بل أعلنت إحدى الأميرات في الصحف أنها سوف تسترد الوسام من أم كلثوم.
فطنت أم كلثوم لاحقاً إلى أن منحها الوسام كان توريطاً لها لا تكريما، ومحاولة انتقامية من الملكة الأم لارتدائها فستاناً أسود اللون في الزفاف الملكي، ولرفضها أيضاً الزواج عرفياً من أخيها شريف باشا صبري (خال الملك فاروق). ولأن من شروط حمل الوسام المذكور ألا تتزوج حاملته إلا بإرادة ملك البلاد شخصياً، فإن القصر أحبط محاولات زواج «الست» من خطيبها الموسيقار محمود الشريف الذي فضلته على آخرين كثر كانوا يعرضون عليها الزواج ومن بينهم وزراء وأثرياء وأعيان. وعليه ظلت أم كلثوم عزباء حزينة ومهمومة ولم تقترن بالطبيب حسن السيد الحفناوي إلا بعد الإطاحة بالنظام الملكي وتحديداً في عام 1954، علماً بأن زواجها هذا استمر حتى وفاتها بقصور في القلب يوم الثالث من فبراير 1975.