كيف صارت الأحوال، وإلى ما آلت إليه الأمور الثقال، أصبحنا في مهب الريح، وغدت العلاقات بين الناس مثل الذي «حبالها خوص» أو خابية كابية مثل نار السعف «ضو الخوص» سرعان ما تخبو حتى بلا رماد، كيف هزلت العلاقات الإنسانية وأصبحت مصدر رزق لمن لا يجد رزقاً حلالاً طيباً، ولا أدري ماذا نسمي ذلك المسترزق من الكلمات التي تُعد اليوم نابية، وهل يجوز شرعاً أخذها والتصرف بها والصرف منها؟ كنا في الزمان القديم نعد الدعوات من ملح الحياة، وأن كل الناس تقولها ساعة غضب ونفور أو توتر، وهم لا يقصدون بها شراً، إنما هي تعبير بعنف لفظي، لكن باطنه الطيبة، ولا أدري ماذا كان سيصنع العرب القدامى حين يلقون عليك تلك اللعنة أو الدعوة القاسية مثل حجر الجبل؟ ولا أدري كم سيغرم «حنظلة بن الأجرف» لو قال جملته الاعتيادية: «ويحك.. ثكلتك أمك أو لا أبا لك» أعتقد حتى خطام بعيره سيبيعه، ويرجع بخفي حُنين إلى صحرائه الطيبة، اليوم ما تروم تقول حق حرمتك في ساعة غضب زوجي، لا تقصد من ورائه إلا اتقاء الغضب، ووقوع أبغض الحلال بينكما، بقولك لها: «اذلفي عن ويهي الساعة»، فما يكون من الزوجة المصون إلا أن تصبح شكّاية في المحاكم، وتجرجرك بكندورتك وشيبتك المهتزة، ووزارك الناصل، وتغرّمك نصف راتبك التقاعدي من الحلقة الثانية من الدرجة العاشرة، والذي لا يكفي «سامان الجمعية»، هذا لو لحقوا على وقت الطيبين، حين يغضبون أو النساء حين تغلي قلوبهن على الزوج بقولهن: «لَقّعة تلَقّعك يا الشايب العايب، حصلان وريولك والقبر»، فلا يأخذ على خاطره من «بنت العون» وتلقاهم في المساء يتعشون ويرمسون ويتضاحكون، وحريمنا لو أنهن مب أحشام، جان الآن مستغنيات من مسباتنا، وإلا حين تسبك حرمتك وتغرّمها المحكمة، وتقوم تأخذ من مخباك وتدفع لك، وحالها يقول: «من لحيته افتل له أو خذ من بعره وفتّ على ظهره».
الآن.. ما تقدر تقول للوحدة: خذ الله هالشيفه» وأنت صادق، لأنها مب شيفه، إلا وترفع عليك قضية وملف قضائي فيه من الآثار السلبية التي وقعت على نفسيتها، وسدت الحالب عندها، وجعلت «البتوكس» يبرد في غزّها، وتهدلت براطم الخوّارة، وجعلتها تقع في سوداوية لم تستطع الخروج منها بسهولة، لولا حبوب مضادة للكآبة وصفها لها الطبيب النفسي «بهنسي»، وأنها بتلك الجملة جعلتها تلغي رحلتها إلى سيئول، مما كلفها الإلغاء والتعطيل تجميد عقود وصفقات كانت ستتم لولا مسبتك، هذا غير الضرر النفسي الذي انتقل إلى أطفالها، خاصة ذلك «اليعري صلّوح» وجعله لا يطيق دروس الرياضيات، وولدها الثاني «صبّوح» بدت عليه نوازع عدوانية، ويمكن أن ينحرف، وهو بحاجة لمربية إيرلندية لتعيده لحالته الطبيعية، المهم القصد من كل ذلك الملف أن الغرامة تساوي حمولة محمل من الكبار.
مرات.. تخاف وتقول يوم اغيظ برش «سهيلة» بمسبة باللغة الأجنبية، المشكلة أنها أشطر مني في اللغات، وتقول بتعلم اليابانية خصيصاً لهذا الغرض، ووقت الحاجة، فتكتشف أن المسبات في اللغة اليابانية قليلة جداً، ولا تبرد الجوف، وكلها تتكون من كتلة واحدة مشبّكة مثل «الزليبيا» معلقة، فتخاف أن تستطيبها الحرمة، وتعلقها في رقبتها، وتتم أنت تنافخ في محلك مثل مصارع السومو الجوعان!
ضو خوص – بقلم ناصر الظاهري