أكدت الفنانة الإماراتية علياء زعل لوتاه، أن حصولها على وسام الفنون والآداب الفخري من الحكومة الفرنسية فئة «فارس الفن»، يمثل بالنسبة لها إنجازاً كبيراً، ودافعاً لها لمواصلة مسيرتها في اكتساب مزيد من المعارف، وتحقيق مزيد من الإنجازات، مشيرة إلى أنها تهدي هذا التكريم إلى دولة الإمارات وقادتها وحكومتها التي تمثل الداعم الأول والأهم لها في مسيرتها.
وأوضحت أن التكريم الذي حصلت عليه من سفير الجمهورية الفرنسية لدى الدولة كرافييه شانيل، في أبوظبي، الأسبوع الماضي، يعني لها الكثير، وأن علاقتها بالثقافة الفرنسية وبفرنسا علاقة وطيدة منذ أن تعلمت لغة ذلك البلد، ثم درست الفنون الجميلة وأحبت الفن الحديث والمعاصر، ما جعلها تلتحق بالعمل في متحف بومبيدو في فرنسا للتدريب لمدة ثلاثة أشهر خلال إعداد رسالة الماجستير في تاريخ الفن وعلم المتاحف، بتخصص إدارة المقتنيات من جامعة السوربون بأبوظبي، ثم اتجاهها حالياً لدراسة الدكتوراه في جامعة السوربون بباريس.
وأضافت علياء في حوارها مع «الإمارات اليوم»: «بالنسبة لي يمثل هذا التكريم إنجازاً عظيماً، وتتويجاً لجهد واجتهاد متواصل منذ سنوات ومازلت أعمل على الحصول على الدكتوراه، فمن البداية كنت حريصة على عدم إهدار الوقت دون أن أتعلم، وأكتسب مزيداً من المعارف، وأشارك مع مؤسسات وبرامج ومعارض دولية، فكان التكريم بمثابة هدية قيمة أهديها لدولة الإمارات وقادتها وحكومتها التي ساندتني في دراستي من خلال المنح التي حصلت عليها من المؤسسات المختصة، وإتاحة فرصة التدريب في مؤسسات ثقافية متميزة في فرنسا».
إسهامات بارزة
وعن معطيات منحها الوسام الفرنسي؛ قالت علياء لوتاه، التي تعمل مساعدة أمين مقتنيات للفن الحديث والمعاصر بمتحف اللوفر أبوظبي، إن شغفها بالفنون وإتقانها اللغة الفرنسية أتاحا لها التواصل مع العديد من الفنانين والمؤرخين والمؤسسات الفرنسية ومع السفارة الفرنسية في أبوظبي، والمشاركة في العديد من الفعاليات والمؤتمرات كفنانة وباحثة وقيمة فنية، فكانت أول فتاة إماراتية تلتحق بقسم أمناء متحف اللوفر أبوظبي، كما أعدت دراسة عن المتحف من قبل في عام 2009، ثم شاركت في الاستعدادات لافتتاح المتحف من عام 2013، ومن أبرزها البرنامج الثقافي الإماراتي – الفرنسي الذي استمر على مدى عامين، والإشراف على أول معرض للفن المعاصر في المتحف، وضم أربعة فنانين، منهم اثنان إماراتيان واثنان مقيمان في الإمارات، قام كل منهم بعمل قطعة فنية بالتعاون مع مصانع فرنسية عريقة في مجالات حرفية مختلفة هي صناعة النسيج والزجاج والخزف والتطريز، حيث عملت على تنفيذ برنامج المعرض بأكمله كقيمة فنية بداية من اختيار الفنانين وحتى خروج المعرض للنور، إلى جانب الإشراف على معرض «صور خالدة»، والذي تم خلاله الإعلان عن جانب من مقتنيات اللوفر أبوظبي.
وأكملت علياء: «وردت مشاركتي في البرنامج الثقافي الإماراتي – الفرنسي ضمن معطيات التكريم، إلى جانب كل المشاركات والشراكات الأخرى مع الجانب الفرنسي والتي مازالت متواصلة من الناحية الأكاديمية عبر إعداد رسالة الدكتوراه في السوربون باريس، وكفنانة عبر مشاركتي في برنامج فني أقوم خلاله بتنفيذ أعمال فنية ويتيح لي الإقامة في بيت الفنان الفرنسي الشهير كلود مونييه».
دعم رسمي
ونوهت الفنانة الإماراتية بأن التكريم الذي حصلت عليه هو انعكاس للدعم الكبير الذي توليه الدولة للفن والفنانين، وللمكانة التي باتت الإمارات تحتلها مركزاً للثقافة في المنطقة. وقالت: «نتمتع بدعم واسع في الإمارات سواء من قادتنا الذين يولون اهتماماً كبيراً للفنون، أو من المؤسسات، وهو ما يمثل دافعاً لنحرص على أن نقدم أفضل ما لدينا، ونصل إلى العالم كله، ليس من خلال إنتاج مشروعات وأعمال فنية متميزة، ولكن أيضاً من خلال تقديم دراسات وأبحاث للتعريف بالفن الإماراتي وتطور الحركة الفنية على الساحة المحلية والخارجية».
وذكرت أن الدعم الرسمي يتطور من عام لآخر، ويتخذ مسارات عدة مثل المنح الدراسية التي تقدم للفنانين المحليين، والبرامج الثقافية التي تتيح للفنان الإماراتي فرصة لتطوير ذاته ووعيه وخبراته الفنية، والتواصل مع مبدعين من مختلف أنحاء العالم، والاطلاع على ثقافات وحضارات متعددة، وهو ما يشكل بنية تحتية قوية للحركة الفنية في الإمارات، وبالتالي يفتح أمامها الأبواب للوصول إلى العالمية، فالطريق إلى العالمية يبدأ من داخل المجتمع المحلي، لافتة إلى أن توجه الدولة لاقتناء الأعمال الفنية للمبدعين الإماراتيين وإهدائها لزوار الدولة الكبار وسيلة مهمة لدعم الحراك الفني وتسليط الضوء على الفنانين والتعريف بهم في الخارج.
حاضر دائماً
وعن الفنان الإماراتي وحضوره على الساحة؛ اعتبرت علياء لوتاه أنه موجود منذ أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، إذ حصل فنانون على منح دراسية لتعلم الفنون والتخصص فيها، مثل الفنان حسن شريف الذي درس في بريطانيا، والدكتورة نجاة مكي التي درست في القاهرة، وغيرهما كثير، إذ أسهم هؤلاء في تشكيل حراك فني فأسسوا جمعية الفنون التشكيلية في الشارقة، وأثروا عمل المجمع الثقافي في أبوظبي، ومع تطور الدولة وانفتاحها على العالم بدأ المشهد الفني يزدهر أكثر ويستقطب اهتمام الخارج، فتم افتتاح معارض كبرى في دبي ومختلف أنحاء الإمارات، وباتت أعمال الفنانين الإماراتيين موجودة في أهم المزادات العالمية، وفي عام 2009 كانت أول مشاركة للإمارات في حدث ضخم هو بينالي البندقية ومازالت المشاركة الإماراتية تكتسب مزيداً من النضج عاماً بعد عام.
جريدة الإمارات اليوم