ثمّة أهمية خاصة للإصدار الأول في حياة أي كاتب، مع ما يحيط بهذا الإصدار من خوف وتردد لدى صاحبه، كما هي الحال مع البدايات عامة، لكن ثمة مغزى كبيراً لأن يبدأ الكاتب، شاباً كان أو شابة، حياته الإبداعية بعمل يفوز بجائزة أدبية مرموقة ورصينة، وهو لما يزل مخطوطاً بعد، لم ير النور.
قبل ربع قرن من اليوم انطلقت من الشارقة جائزة أدبية متميزة، هي جائزة الشارقة للإبداع العربي – الإصدار الأول، بمبادرة من راعي الثقافة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
وكنت محظوظاً بأني كنت أحد أفراد أول فريق كلّف بمتابعة هذه الجائزة، بحكم عملي يومها في الدائرة الثقافية بالشارقة، رئيساً لقسم الدراسات والنشر فيها، وما زلت أذكر الكم الهائل من الأعمال المشاركة التي حملها البريد إلى مقر الدائرة من مختلف البلدان العربية؛ حيث كان عدد هذه الأعمال، حتى في سنوات الجائزة الأولى، يبلغ المئات.
وما ميّز هذه الجائزة، إضافة إلى كونها موجهة للشبان والشابات المبدعين في مختلف البلدان العربية، كونها لا تمنح لنتاجات صدرت، وإنما لمخطوطات معدّة للنشر، تتولى الجهة المانحة للجائزة، طباعتها ونشرها، كدعم للمواهب الشابة التي تشق أولى خطواتها على طريق التميّز الإبداعي.
حيث تنص شروط الجائزة على ألاّ يكون المتقدم إليها قد تجاوز الأربعين من عمره، وشريطة أن تكون تلك المخطوطة هي باكورة إنتاج المتسابق في الحقل الذي يتقدم فيه من حقول الجائزة، وهذا ما يدل عليه اسمها: الإصدار الأول.
إضافة إلى تولي الدائرة الثقافية بالشارقة طباعة الأعمال الفائزة بالجوائز الثلاث الأولى في كل حقل، يمنح الفائزون جوائز مالية، ويترافق حفل تسليمهم الجوائز مع ورش أدبية – نقدية سنوية معدّة لهم خصوصاً، يتولى إدارتها وجوه بارزة في دنيا النقد والإبداع العربيين. ومن الأسماء التي أشرفت على الورش النقدية السنوية الأولى أذكر اسم الراحلين د. جابر عصفور ود.رضوى عاشور، والدكتور صلاح فضل والدكتور عبدالله إبراهيم وسواهم، كما تحتفظ الذاكرة بأسماء نقّاد عرب بارزين كانوا في قوام لجان تحكيم حقول الجائزة، بعضهم من المقيمين في الإمارات، وبينهم أكاديميون مرموقون في جامعات الإمارات المختلفة.
تشمل حقول الجائزة التي أطلقت في عام 1997: الشعر، القصة، الرواية، النقد الأدبي، النص المسرحي، أدب الأطفال. وعودة إلى السجل الحافل للجائزة على مدار ربع قرن متواصل، سنجد أن الكثيرين من المبدعين العرب، رجالاً ونساء، ممن فازوا بالجائزة منذ إطلاقها قد غدوا أسماء بارزة في دنيا الإبداع العربي، كأن الجائزة والشارقة التي ترعاها كانتا نقطة انطلاقهم الأولى إلى دنيا النشر والانتشار.
الشارقة والإصدار الأول – بقلم حسن مدن
جريدة الخليج