يعد الفن بصوره المتعددة مرآة للمجتمعات القديمة والمعاصرة ومن أهم صور الفن؛ الأدب الذي يعرفنا بطبقات المجتمع كافة ويوضح مهام أعضائه رجالاً ونساءً، شيوخاً وأطفالاً.
نتحدث هنا عن الأدب المصري القديم، وبالأخص ما تناول حياة المرأة باعتبارها شريكاً أساسياً في الحياة، ولذلك سوف نجد أن الأدب قد تعرض لعدد من الجوانب التي توضح لنا مكانة المرأة وما كان لها وما عليها كأي فرد من أفراد المجتمع.
فمن خلال قصة القروي الفصيح يمكننا أن نلاحظ تحمل المرأة لمسؤولية البيت مع زوجها وقدرتها على إدارة شؤون البيت في غياب الزوج، فنراه يقول لها «إني ذاهب إلى المدينة لأحضر منها طعاماً لأطفالي؛ فاذهبي وكيلي لي القمح الذي في المخزن وإن ما بقي من القمح سيكون طعاماً لك ولأطفالك».
ولعبت المرأة دور الأم الطيبة التي تبحث عن زوجها وتدافع عن ابنها، وهذا ما ظهر واضحاً في أسطورة «إيزيس وأوزوريس»، ومن بعدها الصراع بين «ست» و«حورس» وتظهر هذه القصة الأدبية أنه لولا «إيزيس» لما كانت هناك مصر، لأنها هي التي حاربت الشر وظلت تبحث عن «أوزوريس» حتى أعادته للحياة وحملت منه الطفل الذي انتقم لموت أبيه وأصبح «حورس» ملكاً على مصر، وهذا يظهر دور المرأة بالنسبة للمجتمع.
وهنا سوف نعرض ما ذكره حكماء العصر الفرعوني عن المرأة ونبدأ بأقوال الحكيم «بتاح حوتب»، وهو يتحدث عن الأسرة ويقول للرجل: «إذا كنت رجلاً ناجحاً وطد أواصر الأسرة وأحب زوجتك – أشبع جوفها واستر ظهرها».
ويؤكد «بتاح حوتب» على الروابط الأسرية واحترام أهل البيت فنراه يحذر أي زائر للبيت من الاقتراب من النساء فيقول: «إذا أردت أن تحافظ على الصداقة في بيت تدخله سيداً كنت أم تابعاً فاحذر القرب من النساء، ومن الحكمة ألا تتدخل بينهن كثيراً».
وننتقل إلى الحكيم «آني» في نصائحه لابنه وفيها يحث الشباب على الزواج مبكراً فيقول: «اتخذ لنفسك زوجة وأنت لا تزال شاباً لتنجب لك ولداً ويجب أن تنجبه لك وأنت لا تزال صغير السن ليعيش وقد صار رجلاً»، ويستكمل «آني» حديثه محذراً من جريمة الزنا وعقوبتها تصل إلى الإعدام ثم عن البر بالوالدين بعد وفاتهما فيقول: «قدم القرابين لأبيك وأمك في مقبرتهما بالجبانة؛ ولا تنسَ أن تؤدي هذا»، ويقول له أيضاً: «ضاعف مقدار الخبز الذي تعطيه لوالدتك واحملها كما حملتك ثم من بعد ولادتك حملتك حول رقبتها وأعطتك ثديها ثلاث سنوات ولم تنفر من فضلاتك… وحينما تصبح شاباً تتخذ لنفسك زوجة تستر في بيتك ضع نصب عينيك كيف وضعتك أمك وكيف ربتك ولم تغضب عليك»… ولدينا أدلة أدبية عن قوة المرأة أمام الملك من خلال قصة «خوفو والسحرة» عندما ذهب الملك «سنفرو» للنزهة بقارب في البحيرة ومعه بنات جميلات يجدفن؛ وحدث أن توقفن عن التجديف لأن قرط إحداهن سقط في الماء وجاء الكاهن ليشق الماء بسحره ويأتي لها بقرطها.
جريدة الشرق الاوسط