اختارت جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم جمعة الماجد الشخصية الإسلامية للدورة الثالثة والعشرين للجائزة، لما قدّمه من خدمات وإنجازات للمجتمع الإماراتي، مواطنين ومقيمين فيه، وللمجتمع العربي عامّة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده إبراهيم بو ملحه، مستشار صاحب السمو حاكم دبي للشؤون الثقافية والإنسانية رئيس اللجنة المنظمة للجائزة، في مقر انعقاد الجائزة في غرفة تجارة وصناعة دبي، للإعلان عن هذه الشخصية.
مؤكداً أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، راعي الجائزة، بارك اختيار جمعة الماجد لهذه الجائزة، مستحضراً مقولة سموه: «من بين تجار الإمارات ورواد العمل الخيري، ممن تنبهوا لأهمية التعليم، ومن نماذجهم المشرفة الأخ جمعة الماجد صاحب العطاء الكبير للتعليم في الإمارات، وفي العالمين العربي والإسلامي، إنه يستحق الاعتزاز والإكبار».
وقال بو ملحه، في كلمته، إن جمعة الماجد «مفخرة تراثية وثقافية لدولة الإمارات والوطن العربي عامة، فكان لا بد أن يكون موضع تقدير وتكريم من كثير من الجهات».
وأضاف بو ملحه مستعرضاً سيرة ومسيرة جمعة الماجد: «بشيء من التعريف بهذه الشخصية، نقول إنّه من مواليد عام 1930، في منطقة الشندغة حاضرة إمارة دبي في ذلك الوقت التي تتميّز ببيوتها الجميلة والكبيرة».
وأضاف: «في هذه البيئة الاجتماعية والبحرية والتجارية وُلدت هذه الشخصية، وفتح عينه وأذنه على أصوات البحارة على ظهور سفنهم، وهم في طريقهم إلى الغوص أو عائدين منه، فقد كان والده يعمل نوخذة في هذه المهنة (مهنة الغوص)، فحرص في موسم الغوص، الذي يبدأ من أوّل الصيف ويستمرّ إلى دخول الشتاء، على أن يصطحب ابنه معه، مع أنه لم يتخطَّ السابعة من عمره في ذاك الوقت، ليعمل في خدمة من على ظهر السفينة، وتلبية طلباتهم، وهو ما يطلق عليه اسم وليد، إضافةً إلى ذهابه إلى كتاتيب البلاد للدراسة فيها أثناء فترة الشتاء، التي تعلّم فيها قراءة القرآن الكريم وبعض مبادئ القراءة والكتابة».
وقال مستعرضاً سيرته: «التحق الماجد بمدرسة أحمد القنبري، ثم بالمدرسة الأهلية لصاحبها حسن ميرزا الصايغ، وانتقل بعدها إلى ممارسة أوّل عمل تجاري له من خلال مكتب جدّه لأمّه، وتشجيع خاله له، ثم بعد فترة استقلّ بعمله التجاري في تلك البدايات من خلال فتح دكان صغير لهذا الغرض، وفي تلك الأثناء تعرّف إلى محمد عبد الله القاز، رحمه الله، واستفاد من توجيهاته ومساعدته له.
وفي تلك الفترة لم يكن ببعيد عن الحسّ والنشاط الخيري، وارتباطه به منذ تلك الفترة، إذ أسس وبعض زملائه لجنة خيرية، استطاعت، بتبرع المحسنين، إنشاء مدرستين، إحداهما للبنين ببر دبي، والأخرى للبنات بديرة، كما كانت له مشاركة في تأسيس المكتبة العامة بدبي في بداية الستينيات».
وتابع رئيس اللجنة المنظمة للجائزة استعراض سيرة جمعة الماجد قائلاً: «بدأ الرجل يحقق شيئاً من النجاحات التجارية، إذ توسعت أعماله التجارية، وبدأت مع هذه النجاحات تكبر اهتمامات الرجل الخيرية، ففي بداية الستينيات أسّس مع زميله محمد عبد الله القاز أول جمعية خيرية في البلاد اسمها الجمعية الخيرية العربية لمساعدة الأسر المحتاجة مادياً.
كما كان من ضمن أعمالها توصيل المرضى غير القادرين إلى المستشفيات وإرجاعهم إلى بيوتهم، وكانت وقتها خدمة كبيرة ومهمة، نظراً إلى ظروف الناس المادية، كما أنشأ المدارس الأهلية الخيرية لأبناء الأسر غير القادرة على دفع الرسوم التعليمية».
وأضاف: «في عام 1987، شعر جمعة الماجد بحاجة المرأة إلى العلم وصعوبة وصولها إلى جامعة الدولة في مدينة العين، أو السفر إلى الخارج، فأنشأ كلية الدراسات الإسلامية والعربية، وشهاداتها معادلة من جامعة الأزهر الشريف، ومن كلية دار العلوم، ومن قبل وزارة التعليم العالي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهي مخصصة لأبناء الوطن وإخوانهم من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يدرس بها الآن نحو 3700 طالب، منهم 2500 من الإناث، و1200 من الذكور، وقد تخرّج فيها حتى الآن 4119 طالباً، منهم 3302 طالبة، و817 طالباً».
وأضاف بو ملحه: «وأنشأ في بداية التسعينيات كلية الدراسات العربية والإسلامية بصورة مجانية، وفتحت مجالاً لدراسة الماجستير والدكتوراه، كما أسّس مع رفاقه من المحسنين جمعية بيت الخير لمساعدة المواطنين، وغطت مساحة كبيرة من احتياجاتهم».
وقال إبراهيم بو ملحه: «كانت للرجل اهتمامات ثقافية وارتباط بالكتاب منذ بداياته، وكبرت وما زالت تكبر لديه هذه الاهتمامات والتطلعات، ففي عام 1991 شعر جمعة الماجد بحاجة الطلاب والباحثين إلى الكتب والمراجع، وأكثرهم من الفقراء، كما أن طلاب الدراسات العليا يضطرون إلى السفر من بلد إلى بلد ليحصلوا على بغيتهم من صور المخطوطات، ولكنهم يرجعون غالباً بخُفّي حنين.
وذلك نظراً إلى الصعوبات التي تعترضهم، فأنشأ مكتبة عامة، تطورت المكتبة فيما بعد لتصبح مركزاً ثقافياً يقدّم الخدمات لطلاب العلم بيسر وسهولة، ألا وهو مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، وهو أحد أهم الصروح العلمية والثقافية والتراثية في الوطن العربي، إذ جمع فيه كثيراً من نوادر المخطوطات التراثية، وكثيراً من الكتب النادرة، وقام بشراء المكتبات من ورثة أصحابها وحفظها في المركز بأسماء أصحابها، وترميم المخطوطات، وقدّم هذا المركز خدماته للباحثين والدارسين في إطار علمي ممنهج».
وأشار بو ملحه إلى أن المركز يحتوي من المخطوطات على ما يزيد على 250 ألف مخطوطة، ومن الكتب ما يزيد على 300 ألف عنوان، ومن الدوريات ما يزيد على 6000 عنوان موزعة على أكثر من نصف مليون عدد، والآلاف من الرسائل الجامعية.
وتابع: «قام الماجد مرات عديدة برحلات علمية إلى دول عربية وإسلامية، برفقة موظفين متخصصين بالمركز، لجمع صور المخطوطات، أو تصويرها إن أمكن، بقصد تقريبها من طلاب العلم والباحثين عنها، كما مكّنته هذه الرحلات من الاطلاع على أوضاع المخطوطات في العالم العربي والإسلامي، فوجد من الضروري تطوير جهاز لمعالجتها وإنقاذها من التلف والتآكل، وقد نجحت جهوده في هذا المجال بحمد الله، فتم تطوير جهاز الماجد للترميم الآلي، بالاعتماد على خبرات من المركز نفسه، وتم إهداء الجهاز إلى 14 دولة حتى الآن».
تقديراً للجهود والأنشطة التي قام بها جمعة الماجد، فقد تم منحه العديد من الجوائز المحلية والدولية، منها:
* كرّمته وزارة العدل الكويتية لاستضافة الأسر الكويتية في عام 1990م، لدوره في تأسيس لجنة الإخاء الإماراتية الكويتية 1990م.
* جائزة دبي للجودة «رجل أعمال العام» من قِبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم 1994م.
* جائزة المساهمين في محو الأمية وتعليم الكبار من وزارة التربية والتعليم 1995م.
* شهادة تقدير من جمعية المؤرخين المغاربة تكريماً لجهوده في خدمة الثقافة والتراث 1996م.
* جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام في عام 1999م.
* جائزة البر من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، قرينة رئيس الدولة، رئيسة الاتحاد النسائي، عام 1998م.
* شهادة فخرية من المجلس العلمي بجامعة سانت بطرسبورغ تكريماً لدوره في الحفاظ على التراث الإسلامي 1999م.
* جائزة الشخصية الدولية لخدمة الثقافة والتراث من قبل الرئيس المصري حسني مبارك 2000م.
* شهادة تقدير من المركز الإسلامي في آخن – ألمانيا 2000م.
* شهادتا تقدير من جمعيتي الصلاح الفلسطينية وجمعية الأعمال الخيرية تقديراً لجهوده ودعمه للقضية الفلسطينية 2000م.
* كرّمه المجمع العربي الثقافي في بيروت لجهوده في حماية التراث العربي والإسلامي سنة 2001م.
* شهادة تقدير من وزارة الإعلام الكويتية لجهوده المتميزة في خدمة الإسلام 2001م.
* جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2003م من سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة.
* تم تقليده «نوط القدس من الدرجة الأولى» من الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عام 2005.
* جائزة مهرجان القرين الثقافي 12 في عام 2005م.
* جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي التي تمنحها مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية في مارس 2008م.