بعد أسابيع قليلة تحتفل دولة الإمارات بيومها الوطني السابع والأربعين. نصف قرن تقريبا مضت على إنشاء الاتحاد الحلم الذي تحقق وأصبح اليوم حقيقة ماثلة أمام أعيننا.
ومما يجعل احتفال الإمارات هذا العام مميزا أنه يصادف احتفاء الدولة بمئوية زايد وإطلاق الإمارات للقمر الصناعي خليفة سات. فلا غرابة، فكل عام تضيف الإمارات إلى سجلها التنموي إنجازا متميزا يضاف إلى المنجز الذي تحقق على أرض الواقع. وفي هذا العام سوف يكون فخر الإمارات مختلفا لأنها استطاعت أن تحلق في الفضاء لتحقق للعرب أجمعين إنجازا علميا مشهودا.
هذا الإنجاز الإماراتي يبدو في حقيقة الأمر متميزا خاصة في إقليم منشغل في مواجهة تطورات سياسية عنيفة ومواجهة تحديات جيوسياسية خطرة. ومعظم دوله تبدو منشغلة بمواجهة أجندات سياسية أكثر منها تنموية.
من ناحية أخرى لا يمر عام دون أن ترسل الإمارات رسائل للعالم أجمع من خلال مبادراتها الخلاقة التي تخدم ملايين من البشر حول العالم. هذه الرسائل الإيجابية هي التي ساهمت برفع اسم الإمارات عاليا بين الدول وجعلتها من الدول القلائل التي يرحب بمواطنيها في كل بقاع العالم. دولة الإمارات تحتفل هذا العام وهي مرفوعة الرأس تزهو بسجلها التنموي الذي لم يسبقها إليه أحد في المنطقة حتى أصبحت أنموذجاً يشار له بالبنان.
وخلال نصف قرن دأبت الإمارات على إيلاء أهمية لقضيتين رئيستين هما التجديد والاستدامة. التجديد في عملية البناء المادي والحضري ليواكب ذاك الموجود في أفضل مجتمعات العالم، والاستدامة في القيم والمثل والمبادئ التي قامت عليها دولة الإمارات وورثتها من مؤسسيها الأوائل.
مبادئ التسامح ونبذ العنف والتعايش السلمي ومساعدة الضعيف وإغاثة الملهوف الذي قامت عليها الدولة منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه من المؤسسين الأوائل، تستلهم منه الإمارات اليوم سياستها الداخلية والخارجية .
وفي علاقتها مع جوارها الإقليمي. وتعد سياسة الاستدامة تلك الركيزة الأساسية لسياسات الدولة في الداخل والخارج. ومنذ أن تولى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد رئاسة الحكومة الاتحادية في العام 2006 دخلت مسيرة الدولة مرحلة جديدة من الإنجازات والبناء والتجديد والابتكار.
كما دخلت مسيرة التنمية مرحلة جديدة من التميز والتجديد. وكان للدعم المقدم من رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، ومن شعب الإمارات كافة دافعا قويا للحكومة الاتحادية للاستمرار في طريق التقدم والبناء والتميز. سياسة الاستدامة والتجديد هما اليوم محور سياسات الإمارات في الداخل والخارج.
دولة الإمارات وهي تحتفل اليوم بنصف قرن من الإنجازات إنما تحتفل بإنجاز عربي خالص يستمد ركائزه وقيمه ومبادئه من حضارة عريقة تفردت وتميزت منذ أن كانت تقود قاطرة الحضارة العالمية إلى أن أصبحت اليوم محورا مهما من محاور السياسة العالمية.
فدولة الإمارات مدركة بعدها العربي والقومي وأيضا مسؤولياتها العالمية الجديدة.
ولكن دولة الإمارات لم تتوقف يوما وتنظر للوراء معتمدة على الماضي التليد، بل اعتبرت أن ما تحقق فعلا على أرض الواقع هو نتاج جهود قرون من عمل الآباء والأجداد، وهو اليوم الأرضية الصلبة التي تقف عليها شامخة لتضيف لها إنجاز تلو آخر. ولهذا فهي تستعد للمستقبل بالهمة نفسها التي تواجه بها ألق حاضرها ومجد ماضيها. فاستحقت بذلك أن تكون موطن الأصالة والمعاصرة والتجديد والاستدامة.
لم تنس الإمارات وهي في خضم التحضيرات التنموية المادية منها والحضرية دور الإنسان الذي هو جوهر التنمية. فأعدت له القاعدة التي ينطلق منها ليكون محور التنمية وعمادها. ففي دولة الإمارات حفظ للإنسان كرامته وحقوقه المدنية منها والقانونية. فقد هيأت الإنسان في كل مراحل حياته من الطفولة إلى الشباب ثم الكهولة ما يحفظ له حقوقه ويصون كرامته ويحقق له الكرامة الإنسانية.
في يومها الوطني السابع والأربعين تدخل الإمارات بقوة إلى مرحلة جديدة من مراحل تطورها وتكوينها السياسي والاقتصادي والتنموي. ومرحلة النضج هذه تعني الكثير لدولة الإمارات كما تفتح أمامها آفاقاً جديدة. محاور تقدم الإمارات في هذه المرحلة مبنية على أكثر من ركيزة على رأسها التطور العلمي والتقني واقتصاد المعرفة والنهضة والثقافية التي تشهدها الدولة وهي التي وضعت الدولة على خارطة العالم التنموية.
جريدة البيان