خلال خمسة أيام عاشت العين أول مهرجان سينمائي في ربوعها، رغم أنها عرفت العروض السينمائية منذ الخمسينيات سواء تلك العروض للقوافل السينمائية في قلعة الجاهلي، حيث تتمركز كتائب من قوات ساحل عُمان المحلية والجيش البريطاني، أم بجانب قصر المغفور له الشيخ زايد في العين، حيث الآن متحف أو غير بعيد عن القصر باتجاه الغرب، حيث منزل وكيله حياة «غريب»، ومن ثم كانت العروض في السينما المكشوفة، مثل «سينما الواحة» على الشارع العام الآن أو السينما المغطاة، مثل «سينما الجيمي» من بعد، عند دوار الجيمي.
مهرجان العين السينمائي الأول، بداية مبسطة، لكنها واعدة، وقابلة للتطور وللحضور، كانت فكرة نبيلة طائرة قبل عامين، تلقفها الصديق والمخرج السينمائي «عامر سالمين المري»، وترجمها واقعاً جميلاً، ومشهداً فنياً حافلاً بإبداعات جريئة ومكثفة من السينما السعودية التي تخطو خطوات كبيرة، وربما خلقت نهضة سينمائية جماهيرية في منطقة الخليج قريباً، نظراً لغنى المجتمع السعودي، وتعدد ثقافته، وعمقه الحضاري، وكثافته السكانية، حيث تعد المملكة سوقاً كبيراً، وهو ما تهواه صناعة السينما، لذا لا نستغرب حصول الأفلام السعودية على نصيب الأسد من جوائز المهرجان، وسعيها للانطلاق نحو المهرجانات الدولية.
كانت السينما الإماراتية حاضرة بتجارب شبابية واعدة، ومتطلعة للجديد والكثير، وربما العائق المالي والإنتاجي لا يساعدها على التطور بسرعة، فكثير من الأفكار الجميلة والمثيرة كانت حاضرة، بفضل جهود فردية، وتمويل شخصي بسيط، ما خذلها الإنتاج الهزيل، وضعف الإمكانيات، وغياب الدعم.
السينما الكويتية سجلت حضورها، وهي السبّاقة في هذا المجال، ولا ينقصها التمويل والرعاية، وجاهزة فنياً بكل الكوادر، لكن ما يعيبها أنها تقدم الأفلام السينمائية كنسخ من المسلسلات الكويتية الناجحة تلفزيونياً، لكن ليس بالضرورة أن تنجح سينمائياً، فالمكان والمشاهد والظرف يختلف، لكنها هي الوحيدة المهيأة لأن تقفز لتوفر كافة العناصر لها تمثيلاً، وكوادر فنية مختلفة، وسوق تجاري فني موجود منذ سنوات طوال.
السينما البحرينية والعمانية كان لهما حضورهما الملفت، لكن كل واحدة تعاني من مشكلة، البحرينية تعاني من الإمكانيات المادية، رغم الحرفية والمهنية وكوادرها الفنية الشابة والقصص المتميزة، أما العمانية فتنقصها الحرفية المتكاملة لصناعة الفيلم، تجد الفيلم منجزاً بحرفية فنية، لكنه يسقط في التمثيل أو القصة المغايرة ذات البعد الإنساني العميق، رغم ثراء عمان بكل المعطيات الثقافية والتاريخية والحضارية، إلا أن هذا لا يظهر في أفلامهم المنتجة.
كانت فرصة جميلة، التقينا بأخوة وأشقاء أعزاء، يدفعهم حب صناعة السينما، ويجمعهم الإبداع، ومكابدة الظروف من أجل سينما مبشرة في الخليج، وهي ضرورة ليعرفنا العالم، ويتعرف إلى ثقافتنا ومنجزنا الحضاري.. مهرجان العين السينمائي شكراً، فالعين تستحق وأكثر!
جريدة الاتحاد