هل الثقافة المتداولة في العالم العربي قشرية؟ ولماذا تتفشى العناصر الهزيلة المحسوبة على الثقافة؟ إذا قصدنا الثقافة المعروضة المروّج لها، فلا مناص من التنقيب خارج الثقافة أيضاً. ببساطة، ثمّة معايير لا تخون التحقيق والتدقيق، منها: ما دور المحرّك والرافعة الذي تلعبه الثقافة في حياة الشعوب؟ ما هي العناصر والعوامل الثقافية التي تمثل ركائز في بنيان جهاز المناعة في القضايا المصيرية لدى الشعوب؟ لا حاجة إلى المزيد.
الخط الموازي في هذا الطرح، يشكل عدسة عين السمكة الساخرة من هزال الواقع الثقافي: هل موسيقى التبن والنشارة والمناديل الورقية التي يريد مسوّقوها أن تخطف الألباب قبل الآذان، تنمّ عن ثقافة ذوقية عالية سائدة، وإرادة فنية نابضة بالطموح الجمعي وروح المسؤولية الإبداعية؟ لماذا لا يدرك السياسيون أن الانهيارات الثقافية غربان وبوم نعيبها ونعيقها نذر خراب للأوضاع المتداعية؟ لو كان للنظام العربي وعي وإدراك، لطرح هذه القضايا الثقافية في مجالس الأمن القومي. لمَ لا يذهب المسؤولون عن الثقافة بخيالهم إلى القياس والمقارنة؟ الإنتاج الثقافي الهابط بمنطق أبي الطيب: «غِذاءٌ تَضْوَى بهِ الأجسامُ.»،أي أن سوء التغذية يورث الأمراض وهذه تُخلّف التخلّف وتحول دون التعليم والتأهيل والعمل المثمر، وفي المستوى الأعلى الابتكار والإبداع.
لم تعد للشعراء الجيّدين غيرة على كلمات الأغاني. الملحنون بدورهم يسلقون قشوراً خاوية لا زلال فيها ولا محّ. لكنهم لا تنقصهم القدرة على انتحال الشخصية، حين يتحدّثون عن الفن والإبداع. هم فوق ذلك لا تعوزهم الحكمة فهم لا يخطون خطوة من دون حراسة شخصية، خشية مفاجآت الغيارى الحقيقيين على الفن. لولا الضبط والربط أمنياً، لرأيت الناس يدخلون قاعات الحفلات مدججين بالفلقة والمقلاع، كأدوات نقد فني نقداً وعدّاً. من المقلقات أيضا كثرة النصوص الشعرية من قبيل «فشّة الخلق» في الأوضاع. هي امتداد أقل جودة وجدوى من تلك الموجات التي ظهرت بعد نكسة 67.
لزوم ما يلزم: النتيجة البنيوية: نهضة الشعوب أساسها محرّكات فكرية وثقافية.
جريدة الخليج