اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وإيرلندا وأستراليا ونيوزيلندا وجنوب إفريقيا.
وللغة الإنجليزية اليوم وضع خاص أيضاً في أكثر من سبعين دولة أخرى، مثل غانا ونيجيريا وزيمبابوي والهند وسنغافورة وغيرها. وهناك نحو 100 دولة أخرى تتعامل مع هذه اللغة بوصفها لغة أجنبية فقط في أوروبا وآسيا وشمال إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
واقع الحال في الكثير من هذه الدول يشير إلى أنها باتت اللغة الأجنبية الأولى بعد اللغات الأم لشعوب هذه البلدان، أو حسب وصف باحث أجنبي اسمه ديفيد كريستال فإن اللغة الإنجليزية هي اللغة التي تود هذه الدول أن تنشرها لو وجد طاقم متمرس وأدوات تعليمية تعين على ذلك.
أوردنا هذه المعطيات لغاية التنويع على الفكرة التي تناولناها بالأمس حول تشابه البشر وتفردهم في الآن ذاته، فما نحن بصدده هو تنميط لغوي يقصي التفرد والخصوصية الثقافية، وليس لدينا أي صورة من صور الاعتراض على أن يكون للغة الإنجليزية حضورها الطاغي في العالم، فتلك مسألة لها أسبابها الموضوعية المعلومة، ولكن اعتراضنا ينصب على أن هذا الانتشار المتزايد للغة الإنجليزية يأتي على حساب «لغات أم» للكثير من الأمم، وبينها لغات كثيرة الغنى والخصوبة كلغتنا العربية مثلاً.
في دراسة للباحث الوارد اسمه أعلاه عما وصفه ب «اللغة العالمية» يشير إلى أن للغة الإنجليزية اليوم دوراً مميزاً بوجودها كأولوية في سياسات تعليم اللغات الأجنبية في العديد من الدول، فهي، وإن لم تكن اللغة الرسمية لهذه الدول، لكنها اللغة التي يتعامل بها الأطفال غالباً حينما يبلغون المدارس، كما أنها اللغة الأكثر حضوراً في التعليم المتقدم للبالغين.
مرة أخرى، لا اعتراض أو تحفظ أن يكون للإنجليزية هذا الحضور كلغة أجنبية، لكن الاعتراض يأتي على التأثير السلبي للسياسات التعليمية المتبعة، خاصة في التعليم الخاص في العديد من بلداننا، التي تجعل من الإنجليزية لغة أولى لا مجرد لغة أجنبية أولى، على حساب اللغة الأم.
من حوالينا هنا في مجتمعات الخليج العربي ينشأ جيل من الدارسين في التعليم الخاص منفصلاً عن لغته العربية، وحتى لو حدث أن الأطفال والفتيان يتكلمون العربية كونها لغة عائلاتهم التي يتحدثون بها في البيت، لكن ذلك يظل عند حدود اللهجة المحكية، فيما يعجز هؤلاء عن الكتابة أو القراءة بالعربية، ولنا أن نتخيل مستقبل هذه اللغة إن استمرت الحال على ما هي عليه.
جريدة الخليج