روائي كويتي يقدم شهادة حول تجربته الإبداعية في منتدى “شومان”
أكد الروائي والكاتب الكويتي سعود السنعوسي، أن الرقابة منحته هامشا كبيرا من الحرية، معتبرا أن الكلمة هي اللعنة الأولى التي لازمته منذ تعلم القراءة وأمسك بالقلم ليكتب بعيداً عن فروضه المدرسية، للمرة الأولى.
وأضاف السنعوسي، الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية في العام 2013 عن روايته “ساق البامبو”، خلال ندوة نظمها منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي، أول من أمس، إنه كان شغوفاً بالكتاب منذ الصغر؛ شكلا ومن ثم موضوعاً، وبعدها بقصص الأطفال، وصولاً إلى صقل هوايته ليتجه إلى المجلات والصحف الكويتية مروراً بقصصه القصيرة وأخيرا إلى رواياته.
وبين السنعوسي، خلال الفعالية التي قدمه فيها إلى الجمهور وأدار الحوار الأديب مفلح العدوان، انه استفاد كثيرا من تجربته في كتابة روايته “سجين المرايا”، وتعلم الكثير من النقد الذي وجه اليها. وقال “اهم ما تعلمته ان الرواية حدث فلا يجب الاغراق في الوصف ان لم يكن هناك حدث”.
وأضاف “أصبحت كاتبا بعد أن فتحت في مراحل مختلفة من عمري، ثلاث بوابات هي: الخيال والقراءة والكتابة”، مستطردا “ولدت في بيت العائلة، بيت كبير عموده جدة، فيه كثير من الأبناء، والكثير من الأحفاد، والكثير من القصص والحكايات”.
وعن روايته “ساق البامبو” فقد رفض الإجابة عما إذا كانت القصة حقيقية او من وحي خياله. وفيما إذا كانت القصة ظاهرة في المجتمع الكويتي، اعتبر السنعوسي “انها ليست بظاهرة، ولكنها حالات موجودة في المجتمع”.
كما استعرض السنعوسي جملة من ظروف كتابته لـ”ساق البامبو” التي كانت زيارته الى الفلبين جزءا اساسيا فيها.
وعن شعوره عندما يكتب الرواية، قال الروائي الكويتي “لو أننى لم أشعر بالألم ما كتبت الرواية، فما المانع أن نوجع القارئ محبة فيه لعله يتغير، فقد كان هنالك نوع من القسوة، لكنها قسوة المحب رغبة في الاصلاح، وقد شكلت القسوة شخصيتي في مراحل من عمري”.
إلى ذلك، أكد السنعوسي أنه يكتب بحثا عن حريته “الحرية بمفهومي هي أن أكون أنا، بقدر ما أستطيع في ظل مجموعة لا نهائية من القيود والتخفي وراء أقنعة فرضها الواقع علينا”.
ويعتقد صاحب رواية “فئران أمي حصة” أن العديد من شخوص العالم غيرته، أما الرواية بالنسبة إليه فهي رواية الأسئلة، ولذلك يكتب الرواية، لأنه متورط في الأسئلة الحارقة.
وعن الجائزة العالمية للرواية العربية التي توج بها عن روايته “ساق البامبو”، اعترف السنعوسي أنها أضافت له الكثير بالنظر إلى استفادته منها كونه كان في بداية تجربته وحداثة السن مقارنة بالكتاب الآخرين، لافتا كذلك إلى أنها منحته جمهورا كبيرا على امتداد العالم العربي، وقراء كثيرين، وأن الأمر اختلف معه عما كان قبل الجائزة حيث لم يكن معروفا كفاية.
وسعود السنعوسي كاتب وروائي كويتي، عضو رابطة الأدباء في الكويت، وجمعية الصحفيين الكويتيين. فاز بالجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها السادسة عن “ساق البامبو”، وهي الرواية نفسها التي حصدت جائزة الدولة التشجيعية في دولة الكويت العام 2012.
وقد سبق للسنعوسي أن نشر قصة “البونساي والرجل العجوز” التي حصلت على المركز الأول في مسابقة القصص القصيرة التي تجريها مجلة العربي الكويتية بالتعاون مع بي بي سي العربية. كما أصدر روايته الأولى “سجين المرايا” العام 2010 وقد فازت بجائزة ليلى العثمان لإبداع الشباب في القصة والرواية في دورتها الرابعة. وأصدر رواية “فئران أمي حصة” التي تتناول موضوع الطائفية في الكويت. أما آخر إصداراته فهي رواية “حمام الدار” في العام 2017. وقد تُرجمَت بعض أعماله إلى الإنجليزية والإيطالية والفارسية والتركية والصينية والكورية والرومانية.
وكانت رواية “ساق البامبو” التي تتناول موضوع العمالة الأجنبية في دول الخليج، اختيرت من بين 133 رواية مقدمة لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية. ووصفت لجنة التحكيم الرواية الفائزة بأنها “محكمة البناء وتتميز بالقوة والعمق وتطرح سؤال الهوية في مجتمعات الخليج العربي”، واعتبرتها أفضل رواية تُنشر خلال 2012.
وبحسب الموسوعة الحرة (ويكيبيديا)، تتناول الرواية موضوع البحث عن الهوية في الكويت ودول الخليج العربي من خلال حياة الراوي، وهو ابن كويتي وفلبينية، وتدور أحداثها في هذين البلدين. ومع أنها ليست الأولى في التطرق لموضوع العمالة الأجنبية في دول الخليج، إلا أنها تتصف بسلاسة الأسلوب بعيدا عن التعقيد والتعمق في التحليل. وتتجلى ازدواجية هوية البطل حتى من خلال اسمه المزدوج عيسى/ خوسيه.
كما تطرح الرواية تساؤلات نقدية عميقة حول تداخل الدين والثقافة عند العرب، وعن السطحية التي تطغى على الخطاب والممارسة الدينية عند العرب. والرواية محمّلة بالكثير من الأحداث البسيطة في شكلها والعميقة في بعدها الإنساني. كما يوجد الكثير من القضايا المهمة التي تجتاح مجتمعنا العربي بين اسطر الرواية، كمشاركة المرأة في الحياة السياسية، وحقوق الأجانب الضائعة، وبعض العادات في المجتمعات العربية.
ومنذ رواية “سجين المرايا” التي أصدرها في العام 2010، لفت السنعوسي الانتباه إلى خطه الإبداعي، وإلى الدراما المتصاعدة التي يصنعها داخل عمله الأدبي، وصولا إلى لحظة فارقة يحاول من خلالها تسجيل هوية إبداعية مختلفة عمن سبقوه في حقل الكتابة العربية.
ذروة مشواره الأدبي حتى اليوم جاء في العام 2012، حين نشر روايته المهمة “ساق البامبو”، والتي تصدت للدخول في عوالم شبه مسكوت عنها، ما أهلها للفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية.
رواية “فئران أمي حصة”، واجهت مشاكل مع الرقابة الكويتية، كونها تناولت موضوعا حساسا. الرواية هي ثالث أعمال السنعوسي، وهي رواية تتحدث عن آفة الفتنة الطائفية، وتدور أحداثها في الكويت منذ 1985 وحتى الزمن الافتراضي الذي تتحرّك فيه الرواية في 2020.
وانتزع السنعوسي في الرواية من صميم الحياة نصّا واقعيا، وهندسه على هيئة أحجية تناثرت في أروقة الماضي. كما جاء في شعار الرواية “الفئران آتية، احموا الناس من الطاعون”، مشيراً بذلك إلى هذه الآفة الطائفية، التي تمددت في شرايين أهلها ونفوسهم، فطاولت نقمتها كل شيء مع الحروب التي مرت على المنطقة منذ الثورة الإيرانية في العام 1979، مرورًا بالحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، ثم اجتياح القوات العراقية للكويت 1990 ثم الغزو الأميركي للعراق 2003 وصولا إلى الزمن الافتراضي الذي تتحرك فيه الرواية.
كما قسّم الكاتب روايته إلى نوعين من السرد، النوع الأول ما رواه تحت عنوان: “يحدث الآن” من خلال الدقة في تحديد الزمن بالساعة والدقيقة، والنوع الثاني ما رواه تحـــت عـــنوان “إرث النار”، مقــسمه إلى أربعة فئران، وكل فأر يتألف من عدة فصول. في الفأر الأول، استخدم الكاتب في سرده ضمير المتكلم، أما في الفأر الثاني فاستخدم ضمير المخاطِب لنفسه وللآخرين. كما عاد في الفأرين الثالث والرابع إلى السرد بضمير المتكلم.
جريدة الغد