لماذا لا يكون للقهوة يومها العالمي شأنها شأن أمور كثيرة؟ أمس تحدثنا عن اليوم العالمي للترجمة، ومع أهمية الترجمة على النحو الذي شرحنا بعضه، فإن شعبيتها لن تضاهي أبداً شعبية القهوة؛ المشروب المفضل لملايين وربما لمليارات البشر على ظهر كوكبنا.
على كل حال لا مكان لسؤالنا هذا، فمثل هذا اليوم موجود فعلاً، ومرّ قبل أربعة أيام أو خمسة، حيث صادف التاسع والعشرين من الشهر الماضي، سبتمبر/أيلول.
تتعدد الأساطير حول اكتشاف القهوة أول مرة، بينها حكاية متاحة على شبكة «بي بي سي» تقول إن أحد الرعاة وهو شاب يُدعى كالدي، كان يرعى قطيعاً من الغنم في غابات كافا المطيرة في إثيوبيا، لاحظ أن الماعز أصبحت أكثر نشاطاً وحيوية وتكاد ترقص، وبعد تحرٍ عرف الشاب أن الماعز أكلت ثماراً حمراء تشبه الكرز الأحمر، وقرر أن يُجرِّبها بنفسه لينضم إلى الماعز الراقص.
توجه كالدي إلى عمه الراهب في دير مجاور مسروراً بما اكتشفه. خوفاً من الأرواح الشريرة ألقى الرهبان الثمار في النار، لكن حين تسللت رائحة القهوة المحمصة إلى أنوفهم، انتابهم نفس الشعور الذي انتاب كالدي من قبل، وتراجعوا عن رأيهم بعد أن تصوروا الحماسة التي ستضفيها هذه الطاقة الجديدة على الطقوس الدينية.
ومع ذلك، هناك معلومة تقول إن رجال الكنيسة في روما ظلوا يعتبرون القهوة شراباً ملعوناً إلى أن اعتمدها البابا وأصبحت في منتصف القرن السابع عشر مشروباً في أوروبا، ولم يكن الموقف في الثقافة العربية الإسلامية أقل تشدداً تجاه هذا المشروب، فبعض من تقصّوا الأمر أفادوا بأن بعض شيوخ الأزهر في أزمنة قديمة أفتوا بتحريم القهوة ومعاقبة من يشربها.
ويروي كتاب «عمدة الصفوة في حل القهوة» لمؤلفه عبد القادر الحنبلي، الصادر في القرن العاشر الهجري، أن أحد العلماء في مكة المكرمة أفتى بتحريم شربها، وأخذ والي المدينة يعاقب كل من يشربها أو يبيعها.
لم يستمر الحال على ما هو عليه؛ إذ تعالت أصوات الاحتجاج على ذلك، وجاء جيل جديد من العلماء رأوا أنه لا يمكن حمل الناس على ترك عادة اعتادوها بناء على فتوى لم يجدوا لها السند الكافي، فأصدروا فتوى أخرى بجواز شربها.
الموسوعة العربية تفيد بأن القهوة دخلت إلى بلاد العرب في القرن الخامس عشر، حيث كان البُن معروفاً في الحبشة قبل الألف الميلادية، لكنها أضحت عابرة للقارات، فحقّ لها أن يكون لها يومها العالمي وفاء من البشر لأفضالها على أمزجتهم.
جريدة الخليج