صدر حديثاً عن دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي كتاب «البحر في الذاكرة الإماراتية: تراجيديا الحياة والموت»، لمؤلفه الروائي علي أبو الريش، الذي وقع نسخاً منه في معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
يقع الكتاب في 312 صفحة من القطع الوسط، ويقدم فيه أبو الريش دراسة عن أثر البحر وحضوره في الذاكرة الإماراتية من صور فينومينولوجية قائمة بذاتها في الذهنية الفردية، كما هي راسخة في اللاشعور الجمعي لدى المجتمع، وما وفّرته من اختزالات للموت، كما وسّعت مدارك الحياة، فالبحر ليس لساناً مائياً مجاوراً لليابسة فحسب، بل هو وجود حياة، وملاذ وجود، فضلاً عن أنه مصدر جلال بما يكتنفه من سطوة على الوجدان الإماراتي، فالبحر الذي كان مخزن رزق، وتربة نبات إحيائي، كان أيضاً الهوة السحيقة التي ابتلعت أرواحاً، حيث السفر البعيد، في أعماق البحر، كان محفوفاً بمخاطره، كما كان الغوص في أحشاء البحر نقطة المفارقة بين الحياة والموت.
تتوزع مادة الكتاب على ثمانية فصول، يتناول الفصل الأول جلال البحر وجمال الوردة، بينما يتعمق الفصلان الثاني والثالث في تعريف الخرافة والطقوس ووظيفتهما في اللاوعي الجمعي والضمير الكوني كمخزن للذاكرة، ويسلط الفصل الرابع الضوء على أسطورة «بابا درياه» في الإمارات وعلاقة وجدان البحر بوجد ووجود الإنسان، و«بابا درياه» خارج الوعي وحكايات الليل السوداء ولعبة الأنا، وسؤال «هل للبحر وجدان وهل للإنسان مشاعر مؤجلة؟»، والمراقبة كإحدى أعظم قدرات التحوّل، والحب عكس الخرافة.
بينما يتناول الفصلان الخامس والسادس الأنا كأب قاسٍ، وغموض الخرافة في تضاده مع وضوح الحقيقة، والإنسان ككائن وهمي والبحر في وعي الإنسان، والبحر الواسع في علاقته مع الأنا الضيقة، وتشاركية العالم في القصيدة، أما الفصل السابع فيقدّم الكاتب فيه قراءاتٍ في الشعر المرتبط بالبحر بعنوان «شعر البحر، بحر الشعر في الإمارات»، في استعراض شيّق لحضور البحر في النص الشعري وجنون التناول وجماليته، والحالة الشعرية في وعيها بالبحر، وصورة الحلم أو طقس الخرافة، وتجربة الواقع والحياة، واتساع الوعي داخل أسوار القصيدة.