تشكل هاتان الكلمتان «حكم قراقوش» مثلاً من أكثر ما يستشهد به الناس في منطقة الشرق الأوسط، للإشارة إلى الحكم الظالم والمتعسف والهزيل. ويرى الجمهور أنه مثال للديكتاتورية والاستهتار والجهالة.
أما قراقوش هذا فهو بهاء الدين بن عبد الله الأسدي. دخل في خدمة السلطان صلاح الدين الذي ولاه على مصر. ويظهر أن ولايته لم تعجب المصريين لأمر من الأمور. ربما لشدته وصرامته، فانبرى أدباؤهم وظرفاؤهم، كما لمسنا في عصرنا الحاضر، لتأليف الأقاصيص والحكايات الساخرة عنه، على عادتهم في التنفيس عن مظالمهم وشكواهم والنيل من مسؤوليهم.
لم تمض سنوات قليلة حتى تعددت الحكايات عن قراقوش، وامتلأت بها أدبيات الفكاهة والظرف. وكان أن جمع الأسعد بن مماتي هذه الحكايات، وربما أضاف إليها من عندياته ونشرها في كتيب «الفاشوش في حكم قراقوش».
ترددت وتنوعت الحكايات عن حكم قراقوش، وكثيراً ما جاءت بصيغ متنوعة وعبارات مختلفة. ولكن أكثر الحكايات تصويراً وتجسيماً لهذا المثل ما ورد بصدد إعدام اللص. وأتذكر أنها كانت أول مسرحية رأيتها في حياتي قدمناها ونحن أولاد صغار في المدرسة. والحكاية تجسم سقم الحكم بشكل مربك متداخل يزداد حماقة وتعسفاً وسخرية بتراكم حلقاته.
تقول الحكاية إن لصاً هم بسرقة بيت، فتسلق جداره، فسقط به الجدار وقتله. اشتكى أهل اللص إلى الحاكم، وهو طبعاً قراقوش، في أن صاحب الدار ترك جداره بهذه الحالة المتداعية بما أدى لسقوطه وموت ابنهم. فبعث قراقوش شرطته ليأتوه بصاحب الدار. وحكم عليه فوراً بالإعدام. ولكن صاحب الدار دافع عن نفسه بالقول بأن الذنب ليس ذنبه، وإنما هو ذنب البناء الذي لم يحسن بناء الجدار فسقط.
بعثوا الشرطة ليأتوا بالبناء فحكم عليه بالإعدام. ولكن البناء انبرى فدافع عن نفسه بالقول بأن الذنب ليس ذنبه، وإنما هو ذنب تلك الغادة الحسناء التي مرت في الطريق فسلبت عقله بجمالها، فلم يستطع أن يركز على عمله في بناء الدار.
فقال قراقوش: هذا حق. هاتوا تلك المرأة. فبحثوا عنها حتى عثروا عليها وجاءوا بها. فحكم عليها بالإعدام. ولكن المرأة دافعت هي الأخرى عن نفسها قائلة إن الموضوع ليس موضوع جمالها، وإنما ذنب الإزار الجميل الذي التفت به، وسحر بجماله ذلك البناء. قال قراقوش: هذا حق. هاتوا بالبزاز الذي باعها ذلك الإزار. إنه من دون شك هو المسؤول. فجاءوه بالبزاز فحكم عليه بالإعدام. ولكن البزاز دافع عن نفسه قائلاً إنه ليس بالمسؤول عن جمال الإزار. المسؤول هو الصباغ الذي صبغه، وأعطاه ذلك اللون الفتان. فقال قراقوش: هاتوا بالصباغ الذي صبغ الإزار. فجاءوا به فحكم عليه بالإعدام. ولكن الصباغ كان أهبل بشكل لا يقل عن بعض المفاوضين. فلم يعرف كيف يدافع عن نفسه فساقوه للمشنقة. ولكنه كان طويل القامة فلم يمكن شنقه، ففتشوا عن صباغ أقصر وشنقوه!
أما قراقوش هذا فهو بهاء الدين بن عبد الله الأسدي. دخل في خدمة السلطان صلاح الدين الذي ولاه على مصر. ويظهر أن ولايته لم تعجب المصريين لأمر من الأمور. ربما لشدته وصرامته، فانبرى أدباؤهم وظرفاؤهم، كما لمسنا في عصرنا الحاضر، لتأليف الأقاصيص والحكايات الساخرة عنه، على عادتهم في التنفيس عن مظالمهم وشكواهم والنيل من مسؤوليهم.
لم تمض سنوات قليلة حتى تعددت الحكايات عن قراقوش، وامتلأت بها أدبيات الفكاهة والظرف. وكان أن جمع الأسعد بن مماتي هذه الحكايات، وربما أضاف إليها من عندياته ونشرها في كتيب «الفاشوش في حكم قراقوش».
ترددت وتنوعت الحكايات عن حكم قراقوش، وكثيراً ما جاءت بصيغ متنوعة وعبارات مختلفة. ولكن أكثر الحكايات تصويراً وتجسيماً لهذا المثل ما ورد بصدد إعدام اللص. وأتذكر أنها كانت أول مسرحية رأيتها في حياتي قدمناها ونحن أولاد صغار في المدرسة. والحكاية تجسم سقم الحكم بشكل مربك متداخل يزداد حماقة وتعسفاً وسخرية بتراكم حلقاته.
تقول الحكاية إن لصاً هم بسرقة بيت، فتسلق جداره، فسقط به الجدار وقتله. اشتكى أهل اللص إلى الحاكم، وهو طبعاً قراقوش، في أن صاحب الدار ترك جداره بهذه الحالة المتداعية بما أدى لسقوطه وموت ابنهم. فبعث قراقوش شرطته ليأتوه بصاحب الدار. وحكم عليه فوراً بالإعدام. ولكن صاحب الدار دافع عن نفسه بالقول بأن الذنب ليس ذنبه، وإنما هو ذنب البناء الذي لم يحسن بناء الجدار فسقط.
بعثوا الشرطة ليأتوا بالبناء فحكم عليه بالإعدام. ولكن البناء انبرى فدافع عن نفسه بالقول بأن الذنب ليس ذنبه، وإنما هو ذنب تلك الغادة الحسناء التي مرت في الطريق فسلبت عقله بجمالها، فلم يستطع أن يركز على عمله في بناء الدار.
فقال قراقوش: هذا حق. هاتوا تلك المرأة. فبحثوا عنها حتى عثروا عليها وجاءوا بها. فحكم عليها بالإعدام. ولكن المرأة دافعت هي الأخرى عن نفسها قائلة إن الموضوع ليس موضوع جمالها، وإنما ذنب الإزار الجميل الذي التفت به، وسحر بجماله ذلك البناء. قال قراقوش: هذا حق. هاتوا بالبزاز الذي باعها ذلك الإزار. إنه من دون شك هو المسؤول. فجاءوه بالبزاز فحكم عليه بالإعدام. ولكن البزاز دافع عن نفسه قائلاً إنه ليس بالمسؤول عن جمال الإزار. المسؤول هو الصباغ الذي صبغه، وأعطاه ذلك اللون الفتان. فقال قراقوش: هاتوا بالصباغ الذي صبغ الإزار. فجاءوا به فحكم عليه بالإعدام. ولكن الصباغ كان أهبل بشكل لا يقل عن بعض المفاوضين. فلم يعرف كيف يدافع عن نفسه فساقوه للمشنقة. ولكنه كان طويل القامة فلم يمكن شنقه، ففتشوا عن صباغ أقصر وشنقوه!
جريدة الشرق الاوسط