في جلسة استثنائية جمعت ثلاثة مبدعات إماراتيات، تناول معرض الكتاب الإماراتي الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب بالتعاون مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في دورته الأولى، التجربة الروائية النسوية الإماراتية ودورها، وتاريخها، وعلاقتها بغيرها من الأجناس الأدبية، كما استعرض تحت عنوان “الرواية الإماراتية الآن” النماذج الإبداعية المحلية وتأثيرها على مسيرة الكتابة بتجلياتها وأبعادها.
واستضافت الجلسة التي أدارها الكاتب محمد أبو عرب كلّاً من الروائيات: إيمان اليوسف، وصالحة عبيد، ونادية النجار، اللواتي تحدثن عن تجاربهن في الكتابة، وتاريخ الرواية المحلية ودورها في إثراء المشهد الثقافي الإماراتي، كما تحدثن عما يشغل الكاتب وينطلق به لإتمام مشروعه الإبداعي سواء كان قضية أم فكرة، ومناقشة صورة المرأة وانعكاس حضورها في المجتمع على مكانتها ودورها في مجال الأدب.
واستهلت إيمان اليوسف، صاحبة المجموعة القصصية “الطائر في حوض الأسماك”، ورواية “حارس الشمس” حديثها بالإشارة إلى أنه لا يمكن أن تقوم تجربة أدبية إبداعية بمعزل عن سابقها، في إجابة عن سؤال يتمحور حول التجربة المحلية هل هي تراكمية أم الأصوات الإبداعية النسوية الحالية هي التي تقود المشهد.
وتابعت اليوسف: “لا يمكن القول إن التجربة المحلية تراكمية، كما لا يمكن القول أنها غير ذلك، ما نكتبه اليوم كتب سابقاً، الجميل في الأدب هو أنك لا تستطيع أن تقدم تجربة فريدة بمعزل عن عما قدم من قبلك، لكن في كل الأحوال والأشكال الإبداعية والأجناس الكاتب يقدم تجربته الذاتية، ويكتب ذاته، ويعبر عن كينونته، فالعالم هو سرد للحكايات، وكلنا نعيش في قصة”.
وفيما يتعلق بارتباط القصة بالرواية والعكس، لفتت اليوسف إلى أن القصة والرواية كلّ واحدة لها عالمها الخاص، وقالت: “الرواية لها رهبة، عوالم متداخلة، شخصيات، حبكات مكثفة، القصة مختلفة، هي ومضة سريعة من الحكاية، سرد مكثف وسريع يخلو من الإطالة والعوالم المتداخلة، والكثير يعتقد أن كتابة القصة أمر هيّن بل هو على العكس تماماً فهو يحمل تحديات أكبر من كتابة الرواية، وأنا أكتب لأسأل، وأكتب لأسمع نفسي”.
من جهتها أشارت صالحة عبيد، صاحبة رواية “لعلها مزحة”، ومجموعة قصصية “خصلة بيضاء بشكل ضمني”، وغيرها، إلى أن وجود نماذج روائية إماراتية رائدة مستشهدة بالمجموعة القصصية التي صدرت للكاتب عبد الله صقر في العام 1971، وتابعت”: المجموعة هذه عبّرت عن صوت مرحلة، عن تاريخها، ومكانها، ولا يمكن لي أنا ككاتبة أن أتجاوزه، على العكس أنا أبني على ما قدمه لي، واستفيد منه، وأوظفه كيفما استطعت، ودوري هو أن أجعل القارئ يرى من خلال ما أكتبه الواقع الذي أعيش به وأطمح لأن أجعله يلمس الزمان الذي عشته”.
وعلى صعيد ارتباطات القصة والرواية أشارت عبيد إلى أن الفكرة هي ما تقود الكاتب إلى جنس العمل، إذ يجب النظر إلى القصة باعتبارها جنس إبداعي منفصل عن الرواية، مؤكدة أن الرواية هي مجتمع كامل يحتوي تفاصيل تتقاطع مع العالم الذي نعيشه بكل متغيراته وأفكاره وظروفه ولها أدواتها كما للقصة أدواتها وهذا ما يميز الجنسين.
وفيما يشغل الكاتب لينطلق به بمشروعه الأدبي، والأدوات التي يمتلكها، قالت عبيد:” القضية التي تشغل الكاتب في هذا الوقت هي مسألة البتر، فصله عن واقعه الذي كان يعيش به سواء في البحر أو على الساحل ونقله إلى المدينة الحديثة، هذا عامل مهم يجب الانتباه له، إلى جانب التنوع والتداخل الذي حصل في الدولة يمكننا أن نقول إنه يشغل الكاتب ليبني عليه موضوعه”.
من جانبها، أشارت الروائية نادية النجار، صاحبة رواية “مدائن اللهفة” و”ثلاثية الدال”، والعديد من الأعمال الأخرى والموجهة للأطفال، إلى أن التجربة الروائية في الدولة رائدة لافتة إلى أن رواية “شاهيندا” التي قدمت في العام 1971 واحدة من الأعمال البارزة والتي تدل على هذا الواقع المتطور والثري.
وتابعت”: اسعى في كتابة مشروعي الخاص لأن استند على كل ما كتب، ودائماً ما أسأل نفسي أين موقعي في المشهد الثقافي وما هو الدور الذي يجب عليّ أن أقدمه لأخدم هذا الواقع وأثريه، وأرى بأن هذا الواقع الثقافي يشهد زيادة في أعداد الكاتبات المميزات، وهذا أمر غاية في الأهمية، فالعمل الإبداعي منظومة متكاملة وأنا لا أعمل ولا أكتب لوحدي”.
وفي إجابتها على من يخدم الثاني القصة أم الرواية، قالت”: هناك فكرة مغلوطة عن أن الكاتب عليه أن يبدأ من القصة ليصل إلى الرواية، هذا أمر غير صحيح، القصة تختلف تماماً عن الرواية، سواء على صعيد الشخصيات أو الحبكة وغيرها، ولا بد أن يمتلك الكاتب أدواته الخاصة للعمل على مشروعه الإبداعي الخاص، وأرى بأن الكاتب الجيد عليه أن ينطلق في منجزه الأدبي من الإنسان ويصل به للإنسان”.